الحوار الوطني : حقيقة أم هو منامة ؟
قال علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه :
واحرص على حفظ القلوب من الأذى *** فرجوعها بعد التنافر يصعب
إن القلوب إذا تنافر ودّها *** مثل الزجاجة كسرها لا يجبر
هي نصيحة صدرت منذ أربعة عشر قرنا، ووصلت الى تونس وانتشرت بين الناس.
هي مصباح للشعب فهل استضاء به الشعب التونسي واستنار واهتدى ؟
الحقيقة البارزة كالشمس تلسع لتقول : إن القلوب في تونس تنافر ودّها، تناثرت وتفرّقت شيعا وتعدّدت وتنوعت أحزابها.
إن القلوب، قلوب الأحزاب وقادة الأحزاب، وأنصار الأحزاب امتلأت كرها، وحقدا، وعداوة عوض أن تمتلئ حبّا…لم يجمع بينها دين ولم تجمع بينها مصالح الدنيا
إن القلوب اسودّت فاسودت الحياة في تونس، اسودّت الميادين الاقتصادية، واسودّت الحياة الاجتماعية، وصارت الأيدي تقلع عوض أن تزرع، تكسّر وتحطّم عوض أن تبني وتعلي، وصار قطار التقدّم يمشي الى الخلف، وأوشكت سفينة الشعب أن تغرق بالشعب، وكثرت فيها (الريّاس) وقديما قالوا :(كثرت الريّاس تغرق السفينة)
فما هو الحلّ ؟ من ينقذ السفينة ؟ من يدفع قطار الحياة الى الحيوية والحياة ؟
يظهر أن الكبار والصغار أحسّوا بالخطر…وتعالت الأصوات تستغيث من فقر قادم ومن إفلاس آت…آت…آت.
تعالت الأصوات تنادي بحوار وطني…
نداء حق، ودعوة الى حقّ، فهل يمكن أن يتحقق ؟ هل يمكن أن تتحوّل تونس من التنافر والتقاطع الى التلاقي والتحاور ؟
هل يمكن أن يجلس حزب التيار الوطني حول طاولة حوار فيها الشيخ راشد الغنوشي بحزب النهضة ؟ ونبيل القروي بحزب قلب تونس مع التيار الذي يدعو الى وضع قلب تونس والنهضة في السجن ؟
هل يمكن أن تجلس عبير موسي بالحزب الدستوري الحرّ حول مائدة فيها الشيخ راشد الغنوشي وعبير لا تسبح بالليل والنهار والمغرب والفجر إلا بسب وشتم وهجاء وجرح والقدح في الشيخ الغنوشي ؟ هل يمكن أن تجتمع عبير والاتحاد العام التونسي للشغل مع مخلوف وحزبه ؟
هل يمكن أن تجتمع الأحزاب والمنظمات حول مائدة الحوار الوطني وكل قيادات الأحزاب والمنظمات تريد أن تقول للشعب (آنا بوكم يا لولاد) ؟ وغيرنا فاسد خائن ؟
هل يمكن أن تجتمع الأحزاب والمنظمات حول حوار وطني بقلوب صافية طاهرة من أنانية الزعامة ؟ وطاهرة من الحقد والعداوة ؟
يظهر لي أنّ الشعب بحرائق احتجاجاته التي تتسع لتحرق الأخضر واليابس سوف يفرض على الرئيس قيس سعيّد دعوة الجميع الى حوار وطني تحت إشرافه وقيادته.
سوف يدعو الى سفينة نوح التي تحمي من الطوفان ولا عاصم من الطوفان إلاّ الركوب في السفينة ؟ فهل من حلّ آخر
وأعطني عقلك..
قالوا : ألف صديق قليل وعدو واحد كثير