إليك يا مدرستي !
حين يخطئ التلميذ في الامتحان يرسب ، وحين يخطأ المعلم تقوم الدنيا ولا تقعد ، ويصول المتفقد ويجول ويشتكي الولي ويعربد ..
الأخطاء هذه المرة ليست لا من التلميذ ولا المعلم ولا المدير ولا المتفقد ..خطأ من لجنة لا نعلم عدد أفرادها وتركيبتها ، فكرت واستنبطت واختارت واقتبست ونفذت كتابا محشوا بالأخطاء .
الكتاب المدرسي هذا يا سادتي ليس في الفلسفة أو الجيولوجيا أو الطب البشري .. هو كتاب لغوي للسنة الثالثة أساسي أو قل ابتدائي تبسيطا للمعنى وتقريبا للصورة في أذهان جيل لم يعرف مصطلح الأساسي وحفظ عن ظهر قلب لفظ الابتدائي ..
أخطاء بالجملة ، بعضها مضحك ، ومع الضحك دموع في المقليتين على ما بلغناه من مستوى مع من سلمناهم فلذات أكبادنا ليصنعوا لهم كتبا مدرسية بلغة للتونسيين فيها باع وذراع ..
المدرسون والبيداغيجيون ، والمختصون في التربية والتكوين والتلقين ، يعلمون قيمة الكتاب المدرسي ، فهو المرتكز الأساسي لعملية التعليم خاصة في المراحل الأولى منه والتي تقوم على ” التسليم ” ، ففي تلك المرحلة – السنة الثالثة – لم يكتسب التلميذ بعد أدوات النقد والمقارنة والتصحيح ، وكل ما يمكن أن يمتلكه لا يتجاوز الترديد والحفظ عن ظهر قلب لصورة الكلمة التي تنقش اوتوماتيكيا في ذاكرة الصفحة البيضاء للتلميذ .
اللجنة التي أعدت هذا الكتاب “المهزلة” واعية أكثر من غيرها بحكم اختصاصها بأهمية ما نقول ، لكنها مع ذلك سقطت في أخطاء لغوية أزعم أنها لا تعكس مستواهم ومؤهلاتهم العلمية بقدر ما تعكس عدم جديتهم في المراجعة والتثبت، وهي العملية التي ربما تركت المجال لبعض البرمجيات في الإعلامية لتقوم مقامهم في التصحيح اللغوي ..
وزارة الإشراف ، الواعية بخطورة هذه الأخطاء ، بادرت بإصدار بلاغ توضيحي قالت فيه ” على إثر صدور الكتاب المدرسي الجديد للّغة الفرنسيّة للسنة الثالثة من المرحلة الابتدائية، والذي تمّ تأليفه من قبل مؤلّفين تونسيّين ، يهمّ وزارة التربية أن توضّح للرأي العام ان الكتاب المذكور تضمن جملة من الأخطاء سيصدر في شأنها تصحيح يُوجّه إلى المؤسّسات التربويّة، وستصدر في الإبّان نسخة رقميّة مصحّحة من هذا الكتاب المدرسيّ، مبرزة انه تمّ فتح تحقيق في الغرض لتحديد المسؤوليّات واتّخاذ الإجراءات المستوجبة .
الوزارة ، وبهذا التوضيح برأت مطابع الأتراك حين قالت بتعبير دخيل ركيك “من قبل مؤلفين تونسيين” ، وفي المقابل ” أصرت إصرارا ” على فتح تحقيق لتحديد المسؤوليات في حادثة واضحة لا تستحق التحقيق ، فالتحقيق الذي يجب أن يكون عليه ان يكشف الخسائر المعنوية التي تكبدتها الوزارة باطارها التربوي ، والخسائر المادية التي تكبدتها الدولة في هذا الظرف بالذات مع لغة تحتل المركز الخامس من حيث اللغات الأكثر تحدثاً في العالم ، و للتونسيين فيها كما قلنا باع وذراع ..
الشروق