أنا و ChatGPT :لهذا السّبب لا أخشى على وظيفتي من الذّكاء الاصطناعي !
في بداية استخدامي لأداة ChatGPT رغبتُ في ممازحتها كما فعل ويفعل الكثيرون. لذلك، طرحت عليها السّؤال التالي: “من هي أمل المكّي ؟ ” (طرحتُ السؤال في مرّتين مختلفتين بالإنجليزية والعربية على التّوالي)
أجابني ChatGpt: “لا أعرف من هي أمل المكّي. على الأغلب هي شخصية غير عامّة وليس لها أي وجود على الإنترنت. “
أضحكني ردّه كثيرا، ورغبت في مواصلة “اللّعبة”. سألته مجدّدا :
-من صاحِبُ كتاب “من وراء حجاب: 180 يوما في الصيّن”؟
فأجابني:
-أمل المكّي. هي صحفية تونسية ومؤلّفة كتاب “من وراء حجاب: 180 يوما في الصّين”.
أمر مضحك، صحيح؟
لكنّ التسلية لم تنته بعد. مضيت في السّؤال مجدّدا: “عمّ يتحدّث كتاب من وراء حجاب: 180 يوما في الصّين لأمل المكّي؟
فكانت الإجابة صادمة :
“يتحدّث الكتاب عن تجربة أمل المكّي الشخصية في العيش في الصين لمدة 180 يومًا، ويسلّط الضوء على تجارب المسلمين في الصين، وخاصة المسلمين الأويغور، الذين يواجهون قمعًا من الحكومة الصينية. يستكشف الكتاب العلاقة بين الحجاب والهوية الإسلامية، وكيف أن المسلمين في الصين يجدون صعوبة في الحفاظ على هويتهم الإسلامية وعلى ممارسة دينهم في بلد لا تتبنى الديانة الإسلامية.”
المعلومة الصحيحة الوحيدة كانت أنّ الكتاب يتحدّث عن تجربتي الشخصية في العيش في الصّين لمدّة 6 أشهر ! ولكنّ محتوى الكتاب لا يتعلّق البتّة بأزمة المسلمين الويغور في الصّين، لأنّني ببساطة كتبته قبل نحو 11 عاما ونشرته في عام 2015 قبل عدّة سنوات من ظهور أزمة قمع الويغور إلى الضّوء.
يضمّ “من وراء حجاب: 180 يوما في الصّين” مجموعة مقالات في أدب الرّحلة كتبتها بين سبتمبر 2010 وجانفي 2011 خلال دراستي في جامعة اللّغات والثقافة في بيجين، الصّين. وأتحدّث فيه عن حياتي اليومية كطالبة تونسية عربية ومسلمة هناك.
المضحك أكثر، أنّه حتّى بعد أن وضّحت لـ ChatGpt أنّ الكتاب يتحدّث عن تجربتي الشخصية وليس عن معاناة الويغور ، واصل في القول إنّ الكتاب “يتناول موضوع القمع الذي يتعرض له المسلمون في الصين ومحاولاتهم للحفاظ على هويتهم الثقافية والدينية في بلد لا يتبنى دينهم.”
هل يمكن لأداة مماثلة أن تشكّل خطرا على الوظائف الصحفية والإبداعية؟
بكلّ تأكيد، لا.
يبقى ChatGpt وغيره من أدوات الذكاء الاصطناعي وسيلة لتسهيل العمل البشري ولكنّه لن يعوّض يوما بشكل تامّ العقل البشري والمهارات الإنسانية في التحقّق، والتدقيق والتفكير النقدي.
وفي حين أنّ ChatGPT أخطأ مرّتين: الأولى بعدم معرفتي (وهل يخفى القمر؟ هه) والثانية بتحميل كتابي ما ليس فيه (وإن كان تناول قضية الويغور شرفا بالتأكيد) فإنّني ما زلت أستخدم الأداة بشكل شبه يومي. ذلك أنّها صارت “الملخّص الرسمي” لعشرات الصفحات من المقالات العلمية التي يتوجّب عليّ قراءتها كلّ يوم.