ألم يحن الوقت لنفض الغبار عن المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر؟!

يشعر الإنسان في هذا البلد البائس بالإحباط و اليأس و الذهول و ذلك بعد أن كانت تغمره مشاعر من الأحلام الوردية عند سعيه لنيل شهادة الدكتوراه.
و بعد حصوله على الشهادة يصطدم بالواقع التعيس الذي تعيشه مؤسساتنا الجامعية، و التي لا تتيح أي مجال للدكاترة الباحثين من أجل تحقيق ذواتهم و انجاز مشاريع أبحاثهم و تطوير المؤسسة التي يعملون بها.
و أنا أعتبر نفسي محظوظا بعض الشيء لكوني مرسما في وزارة التربية. و لكن هذا الترسيم لم يشفع لي من أجل الإلتحاق بوزارة التعليم العالي. فأبواب الإلحاق موصدة أمام الدكاترة المترسمين سواء في وزارة التربية أو في وزارات أخرى .
لقد قدمت العشرات من مطالب الإلحاق، و قد قوبلت كلها بالرفض. آخر مطلب قدمته للمعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر، و قد أجابني مدير المعهد بالرفض متعللا بأن مناظارات الإلحاق تنشر في الجرائد الرسمية. و في الحقيقة لم أر يوما إعلانا من قبل المعهد حول حاجاته لالحاق دكاترة باحثين.
الحقيقة التي لا يريد البوح بها الأستاذ المدير هو أن المعهد يريد الحفاظ على نفس التشكيلة القديمة من الباحثين و الذين هم يعملون في المعهد منذ عشرات السنين و لم نر منهم في الحقيقة من البحوث إلا النزر القليل قياسا بالسنوات الطوال التي قضوها بالمعهد هؤلاء “المؤرخين” الذين يعملون في المعهد يمكن أن ننعتهم بالمحافظين الذين لا يريدون أن يلتحق بهم من يشوش عليهم راحتهم و سكونهم و استقرارهم في هذا المعهد العريق.
إنهم يرفضون التجديدو يزعمون بأنهم يمتلكون الحقيقة التاريخية و نراهم يتصدرون المنابر الإعلامية و يوهمون الشعب بأنهم يمتلكون الحقيقة التاريخية. و بحكم تعمقي في تاريخ تونس المعاصر لا أزعم بأني أمتلك الحقيقة، بل أنا على يقين تام بأن تاريخنا يتميّز بغموض عجيب و مريب و نحن في حاجة إلى فحص الأرشيفات المخزنة في المعهد منذ عشرات السنوات من أجل كشف بعض الغموض الذي يشوب تاريخنا.
لقدعملت كثيرا في المعهد عند اعداد أطروحتي، و أعلم جيدا بأن أرشيف المعهد غني و هو في حاجة إلى العشرات من الباحثين من أجل كشف أسرار تاريخ تونس المعاصر.
ألم يحن الوقت من أجل نفض الغبار عن معهد تاريخ تونس المعاصر و التخلص من سطوة المؤرخين المحافظين الذين يرفضون التجديد و يقنعون بالنزر القليل من البحوث التي لا تلبي حاجة المجتمع لمعرفة تاريخ بلاده؟ !