ندوة حوارية بعنوان: الحركات الاجتماعية ومبادرة الإنقاذ: الرسائل والانتظارات
تحتفل الأوساط الدولية باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية في عشرين فيفري من كل عام، للتذكير بالفجوات الاجتماعية والتعاملات الطبقية، حيث تزداد الاختلالات الاقتصادية المرتبطة بالعولمة والتقنية بشكل مطرد سنويا، رغم كل الجهود الأممية والمنظمات الدولية؛ من جانبه بادر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بتنظيم ندوة حوارية بعنوان: الحركات الاجتماعية ومبادرة الإنقاذ: الرسائل والانتظارات وذلك يوم 21 فيفري في إطار البرنامج الذي أطلقه المنتدى في جانفي الفارط والهادف إلى ربط العلاقة بين الحركات الإجتماعية والسياسات العمومية والديمقراطية بشكل عام من زوايا متنوعة تشمل الفاعلين والباحثين ومنظمات المجتمع المدني وباعتبار الإيمان بأن تقاطع هذه الرؤى والزوايا صار ضروريا من أجل الإنقاذ الوطني ومن أجل تحقيق أهداف الثورة بادر المنتدى باقامة هذه الندوة.
وتضمنت الندوة مداخلات حول السياق الإقتصادي والإجتماعي وواقع الحركات الإجتماعية ومبادرة الحوار الواقع والانتظارات وتدخلات لممثلي مختلف التنسيقيات للحركات الإجتماعية من ذلك تنسيقية الأساتذة النواب والعاملات الفلاحية وعمال وعاملات الحضائر وعن القانون 38 المتعلق بالأحكام الاستثنائية للانتداب في القطاع العمومي أو ما يعرف بقانون الانتداب في القطاع العمومي لمن تجاوزت بطالتهم العشرة سنوات…
تفاعل السلطة إيجابيا مع ما يستوجبه الواقع من أجل إنقاذ وطني بفضل العمل التشاركي:
وقد تم طرح عديد الإشكالات والصعوبات التي تعترض التنسيقيات للوصول إلى حلول إيجابية لمنظوريها وتوسيع مجال الحوار سعيا لتقارب الرؤى بين مختلف الحركات الإجتماعية ودعوة لتفاعل السلطة إيجابيا مع ما يستوجبه الواقع من أجل إنقاذ وطني بفضل العمل التشاركي وبذلك ضمان وصول أصوات الحركات الإجتماعية والمطالبة بحياة كريمة وفضلى وضمان التغطية الصحية والاجتماعية للفئات الهشة والإسراع في تحقيق استقرار اجتماعي واقتصادي وإعطاء دفع جديد لمنوال التنمية البديل والتأكيد على تفعيل الاتفاقيات السابقة بما يضمن توفير الاستحقاقات المادية المتخلدة للفئات المعنية والتي بقيت تنتظر إلى الآن تسوية وضعيتها المادية والإدارية ولتوسيع مجال الإنصات والتفاعل مع مطالب الحركات الإجتماعية بالإضافة إلى اللقاءات المباشرة التي تقوم بها مختلف الهياكل إمكانية بعث منصة رقمية لتوسيع المشاركة وإبداء الملاحظات والآراء والتطلعات.
وحسب المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية فإن هذه المبادرة لها هدف وحيد وهو إنقاذ البلاد التونسية وهي لا تستهدف السلطة بل هي تدافع فقط على حقوق اجتماعية وسياسية وعن حريات فردية. وتتضمن المبادرة لجان سياسية، الإصلاحات الاقتصادية، والاجتماعية… كما أن منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية له مسؤولية تاريخية واجتماعية في تأطير الحركات الاجتماعية ومساندتها ودعمها من أجل تحسين أدائها. ثم أن هذا اللقاء مع الحركات الاجتماعية هو انتقال ديمقراطي وهذه العملية الديمقراطية لن تنجح إذا لم يكن لها أبعاد اقتصادية واجتماعية
التغلب على العوائق وإطلاق العَنان لفرص العدالة الاجتماعية:
وبذلك فإن محور الإحتفال باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية عام 2023 هو: التغلب على العوائق وإطلاق العَنان لفرص العدالة الاجتماعية إذ يركز موضوع هذا العام على التوصيات التي قُدمت في إطار الخطة الأممية المشتركة الرامية إلى تعزيز التضامن العالمي وإعادة بناء الثقة في الحكومات بـ’’التغلب على العوائق وإطلاق العَنان لفرص العدالة الاجتماعية‘‘. لذلك، تتيح هذه المناسبة لهذا العام فرصة لتعزيز الحوار مع الدول الأعضاء، والشباب، والشركاء المجتمعيين، ومنظمات المجتمع المدني، وكيانات الأمم المتحدة، وغيرها من أصحاب المصلحة الآخرين في ما يتصل بالإجراءات اللازمة لتقوية العقد الاجتماعي الذي تمزق بسبب تزايد التفاوتات والصراعات وضعف المؤسسات العاملة في مجال حماية حقوق العمال. ومع أنّ هذه الأزمات كثيرة ومتعددة، فإن هنالك فرص عدّة لبناء تحالف من أجل العدالة الاجتماعية وإطلاق المزيد من الاستثمارات في الوظائف اللائقة، مع التركيز بشكل خاص على الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الرقمي والاقتصاد القائم على خِدْمَات الرعاية، وعلى الشباب..
مساهمة العدالة الاجتماعية في تحسين أداء المجتمعات والاقتصادات والحد من الفقر وأوجه غياب المساواة :
وتسهم العدالة الاجتماعية في تحسين أداء المجتمعات والاقتصادات وتحد من الفقر وأوجه غياب المساواة وتخفف التوترات الاجتماعية. كما تضطلع بدور هام في رسم مسارات أكثر شمولا واستدامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية وهي أساسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في إطار خطة التنمية المستدامة 2030، لا سيما في وقت لم يزل فيه تحقيق هذه الأهداف بعيد المنال.
وفي العالم العربي.. شكل تعزيز العمل اللائق في المنطقة الهدف الأساسي لدى المكتب الإقليمي للدول العربية التابع لمنظمة العمل الدولية، فالعمل اللائق يجسد تطلعات الأفراد في حياتهم المهنية، وآمالهم المعلقة على الفرص والمداخيل والحقوق والاستقرار العائلي والتطور الشخصي والعدالة والمساواة بين الجنسين، بالإضافة إلى رغبتهم في إيصال صوتهم والاعتراف بدورهم.
في هذا الإطار، تستند البرامج الابتكارية في المنطقة العربية إلى 4 أسس بالغة الأهمية وهي: استحداث فرص العمل، وتطوير المؤسسات والحماية الاجتماعية، والمعايير والحقوق في العمل، والحوار الاجتماعي.ولهذه البرامج هدفان رئيسيان، تسعى من جهة إلى النهوض بالعمل اللائق باعتباره عنصرا أساسيا ضمن إستراتيجيات التنمية الوطنية وتحاول من جهة أخرى وضع رصيد المنظمة من المعرفة والمناصرة والتعاون والأدوات في خدمة الأطراف الثلاثة في إطار مبني على النتائج، وذلك بغية الارتقاء بأجندة العمل اللائق في سياق ميزة المقارنة التي تتمتع بها المنظمة.
قضية الأجور المناسبة من أكبر الفجوات ضمن مفهوم العدالة الاجتماعية:
وواحدة من أكبر الفجوات ضمن مفهوم العدالة الاجتماعية لبعض البلدان هي قضية الأجور المناسبة للعمل، فهناك فروق بين أجور النساء والرجال، وهناك فروق أخرى بين كبار السن والشباب رغم أدائهم نفس العمل والوظيفة، وهناك بلدان أخرى يعاني فيها العمال للتمييز بحسب العرق والقومية، ولذا ثمة حاجة لتبني إجراءات ومبادرات تشريعية وعملية تؤتي ثمارها في مواضع كثيرة.
أبرز هذه المبادرات، أن يحرص أصحاب العمل، على إجراء مراجعات داخلية دقيقة وعلى أساس دوري لرواتب الموظفين، وفقا لفئاتهم الوظيفية وخصائصهم السكانية، وذلك للوقوف على مدى الامتثال للقواعد الإرشادية، ونشر مؤشراته في إطار من الشفافية، مع العمل على تصحيح أي تشوهات تشوبها.
كما يدخل تكثيف الجهود المعنية بجمع بيانات أجور العاملين من قبل أصحاب العمل والعاملين لتحليلها على أساس دوري من أجل الوقوف على الفجوات الأجرية القائمة، ونشرها مجتمعيا.
بجانب ذلك، ثمة أهمية بالغة للتوعية بأهمية المساواة في الأجور بين جهات العمل باعتبارها جزءا أصيلا من المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات، وتبيان انعكاساتها الإيجابية على كل من الأداء الفردي ورأس المال البشري والأداء المؤسسي عموما، بالإضافة إلى التعريف بآليات تطبيقها، والممارسات النموذجية ذات الصلة.
ومن الأهمية بمكان اليوم أكثر من أي وقت مضى أن يتحد النظام متعدد الأطراف حول مجموعة من القيم والأهداف المشتركة ويحدد سبل الاستجابة لتطلعات الناس واحتياجاتهم. لذلك، يجب أن تصبح العدالة الاجتماعية ركيزة من ركائز تعددية الأطراف المتجددة المطلوبة وهدفا جامعا وأداة جوهرية في آن لبناء نظام متعدد الأطراف أكثر نجاعة، بما يضمن الاتساق بين السياسات…
ندوة دولية للعدالة الإنتقالية تحت عنوان “التجربة التونسية والتجارب المقارنة”:
على صعيد آخر ينظم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في إطار مبادرة “لا رجوع” يومي الخميس 23 والجمعة 24 فيفري 2023 بتونس ندوة دولية للعدالة الانتقالية تحت عنوان “التجربة التونسية والتجارب المقارنة”. هذه الندوة ستدور في شكل يومين من الجلسات العامة وورشات العمل والعروض حول العدالة الانتقالية في تونس وفي بلدان أخرى لها تجارب مماثلة وهو مشروع ثلاثي يضم كل من منظمة البوصلة، محامون بلا حدود، والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية يقوم على متابعة مسار العدالة الإنتقالية ودعم جهود الفاعلين فيه بغاية القطع مع أنّات الماضي وضمان عدم تكرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والجرائم الاقتصادية التي وقعت في عهد الدكتاتورية في تونس وضعت المنظمات الرائدة لهذا المشروع نهجا شاملا يستند إلى ملاحظاتها المشتركة فيما يتعلق بمسار العدالة الانتقالية في تونس
إحياء العدالة الانتقالية والتأكيد على أهميتها في السياق الحالي:
الهدف من هذا المؤتمر الدولي، هو إعادة النظر في المبادئ الأساسية للعدالة الانتقالية، تقييم ما تم إنجازه في تونس، وإحياء العدالة الانتقالية والتأكيد على أهميتها في السياق الحالي. كما ستساعد المناقشات أصحاب المصلحة على تخيل الحلول المؤسسية والقضائية والقانونية التي من شأنها أن تسمح بطي صفحة الماضي وتمهيد الطريق لمستقبل ديمقراطي وشامل وعادل.
كما أن الهدف العام للمشروع هو المساهمة في تنشيط مسار العدالة الانتقالية في تونس من أجل معالجة انتهاكات الماضي وضمان عدم تكرارها
و سيتركز المؤتمر حول 5 محاور:
المحور الأول: المسار القضائي والمساءلة
المحور الثاني: عمل الذاكرة وكشف الحقيقة
المحور الثالث: ضمانات عدم التكرار: جبر الضرر والإصلاحات
المحور الرابع: الإرث الاستعماري والدين
المحور الخامس: التهميش الاجتماعي والاقتصادي والانتهاكات البيئية
الخيار الشجاع لمواجهة الماضي من خلال الشروع في مسار العدالة الانتقالية:
في أعقاب ثورة 2011 ،اتخذت تونس الخيار الشجاع لمواجهة ماضيها من خلال الشروع في مسار العدالة الانتقالية مع اعتماد قانون في وقت مبكر من عام 2013 بشأن العدالة الانتقالية، وإنشاء – هيئة الحقيقة والكرامة – للتحقيق في انتهاكات الماضي؛ تلا ذلك إنشاء دوائر قضائية خاصة لتحديد المسؤولية الجنائية عن هذه الانتهاكات؛ كان هذا المسار، كما هو الحال في العديد من البلدان الأخرى، محفوفا بالصعوبات والعقبات منذ بدايته. لكن على الرغم من ذلك، تمكنت هيئة الحقيقة والكرامة من إحالة أكثر من 200 قضية إلى القضاء ونشر تقريرها النهائي في مارس 2019 ، ُ والذي ونشر في الجريدة الرسمية للجمهورية التونسية في جوان 2020 بعد عام من التردد وبعد جهود كبيرة بذلها المجتمع المدني وكذلك جمعيات وعائلات الضحايا – اثنان من الفاعلين الرئيسيين الذين رافقوا مسار العدالة الانتقالية منذ خطواته الأولى. من ناحية أخرى، لا تزال الدوائر المتخصصة تواجه العديد من التحديات، بدءاً من نقص الموارد والدعم السياسي، ولكن الأهم من ذلك هوغياب غالبية المتهمين الذين يواصلون تجاهل العملية القضائية في صمت تام من طرف الحكومات المتعاقبة…