دين ودنيـــا: طاعة الوالدين وبرهما
إن للأبناء نحو والديهم واجبات عديدة وهي الحب، والشكر، الطاعة، الاحترام والبر
فحب الوالدين عاطفة فطرية أوجدها الله في قلب الإبن وقد لا يشعر بها في طفولته، لكن هذه العاطفة تنمو مع مر الأيام حتى إذا بلغ سن الرشد تبين هذه العاطفة التي أودعها الله فيه قد أخذت تتحول شيئا فشيئا ومع تقدم العمر بوالديه الى عطف وشفقة عليهما. فيحدب عليهما ويسعى لإسعادهما فهما سبب وجوده وقد ربياه وتعهداه بالرعاية حتى بلغ أشده وقد محضاه كل الحب. فأقل واجب نحوهما شكرهما وإقران ذلك الشكر بالعمل على نفعهما وتخفيف أعباء الحياة عنهما دون ملل ولا ضجر والعطف عليهما والصبر عليهما في شيخوختهما واحتمال ما يصدر عنهما مما يراه لا يوافق العقل. لأن كل الذي يبذله في سبيل إسعادهما لا يعادل المشقة والتضحية التي بذلها والداه منذ ولادته الى أن إشتد عوده وأصبح يكسب المال بكد يمينه وبفضل حسن تربيتهما له وبفضل رضائهما عنه والدعاء له.
والولد البار بوالديه المخلص في طاعتهما والعناية بهما سيجد في شيخوخته أبناءً بررة يبرونه كما برّ والديه مصدقا لقول رسول الله عليه الصلاة والسلام
“بروا آباءكم تبركم أبناؤكم” وكما يُدين الفتى يُدان. والولد مهما بالغ في إكرام والديه والعناية بهما في ضعفهما وقلة جهدهما فلن يوفيهما حقهما وورد في الأثر أن رجلا جاء الى عمر بن الخطاب رضي الله وقال له :”إن لي أما بلغ منها الكبر عتيا حتى لا تقضي حاجتها إلا وظهري لها مطية فهل أديت حقها ؟!” قال : لا لأنها كانت تصنع لك ذلك وهي تتمنى بقاءك وأنت تصنعه وتتمنى فراقها
والقرآن الكريم حافل بالعديد من الآيات التي تدعو لطاعة الوالدين والبر بهما
قال الله تعالى :”وقضى ربك ألا تعبُدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغنّ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفّا ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربّ إرحمهما كما ربياني صَغيرا“(الاسراء23-24) وقال تعالى :”ووصينا الإنسان بوالديه حُسْنًا” (العنكبوت8) كما أوصى الرسول عليه الصلاة والسلام بالأمهات وكرر ذلك ثلاثا ثم أوصى بالآباء
وقال أيضا عليه الصلاة والسلام :”الجنة تحت أقدام الأمهات” ومن رزق إبنا شكورا مطيعا محبا لوالديه محترما لهما فقد نال نصيبا عظيما من نعيم الدنيا والآخرة
ومما يروى عن أبي يزيد البسطامي أنه كان بارا بوالدته.
وأنها قالت له في ليلة باردة : إسقني فثقل عليه ذلك لكنه قام بمجاهدة وجاء بكوز فوجدها قد نامت فوقف عندها حتى إنتبهت فناولها الكوز وقد بقي في أذن الكوز قطعة من جلد إصبعه لشدة البرد.
وقيل لعلي بن الحسين رضي الله عنهما إنك من أبر الناس ولا تأكل مع أمك في صحفة. فقال :”أخاف أن تسبق يدي يدها الى ما تسبق عيناها إليه فأكون قد عققتها”
أبعد هذا البرّ برّ ؟