من الجمعية العصرية للموسيقى والتمثيل الى فرقة الاذاعة والفرقة المسرحية القارة بصفاقس – تاريخ الحركة الثقافية وقاماتها الفنية المبدعة في صفاقس
الحركة الموسيقية والتمثيلية بصفاقس متجذرة في تاريخ المدينة وتضاهي من حيث الأهمية نظيرتها في العاصمة وذلك من خلال عدة جمعيات متخصصة على غرار الجمعية العصرية للموسيقى والتمثيل بصفاقس التي أسست سنة 1920 م وخلفت الفرقة النحاسية الصفاقسية المتكونة في معظمها من الأجانب والجالية الفرنسية على وجه الخصوص
تكونت الهيئة التأسيسية للجمعية العصرية للموسيقى والتمثيل بصفاقس من أحمد بن سلامة الذي ترأسها ولطّيف بن حسن ككاهية رئيس وأسندت أمانة المال للصادق الغريانى وتضم كذلك العربي البولاطي، أحمد قطاطة، حمدة الشعبوني، محمد الطيب الشرفي، الطيب معلى ومحمد العيادي وترأس الهيئة الإدارية سنة 1925 الدكتور الحبيب العكروت ومهذب الجد ككاهية رئيس .
شهدت مسيرة الجمعية العصرية للموسيقى والتمثيل بصفاقس عدة تغييرات أهمها تحولها إلى مؤسسة علمية تحمل اسم معهد الموسيقى العصرية بصفاقس بداية من سنة 1939م
كما أن مغادرة “المعلم” “محمد النابلي” للجمعية ليتولى مهمة تدريب فرقة جمعية الوداد كان حدثا بارزا لما قدمه من عمل قيم طيلة فترة تواجده التي ناهزت 15 سنة ولتفادي هذا الفراغ كلفت الهيئة المدينة مساعده الحبيب بريرة شهر “الغربي” بخلافته.
أما المحطة الأبرز في حياة الجمعية فكانت سنة 1960م لما عقدت جلسة مشتركة مع النادي البلدي للفن والموسيقى من أجل إعداد قانون أساسي لجمعية موحدة تحت اسم النادي العصري للموسيقى والتمثيل المشتق من إسمي الجمعيتين بإشراف فني من القائد الحبيب بريرة (الغربي) ومساعدة الهادي المحرسي وقد تولى القيادة بعد ذلك نصر الصويعي ومصطفى بن غزلان.
وفي سنة 1969 توحدت جمعيتا النادي العصري للموسيقى والتمثيل وفرقة جمعية الوداد بصفاقس الإتحاد الفني فرحات حشاد التي أسسها نخبة من النقابيين في أوت 1949 م بميلاد جمعية جديدة أطلق عليها اسم نادي حشاد للموسيقى العصرية أسندت رئاسته للأستاذ علي الحشيشة لكن التجربة لم تدم طويلا بحصول الانفصال بين الجمعيتين بعد فترة لم تتجاوز السنتين.
وتجدر الإشارة إلى أن القائد محمد النابلي كان قد أشرف على تدريب الطاقم الموسيقي لجمعية الوداد عند انبعاثها كما انضم إليه عدد من عناصر الجمعية العصرية مثل محمد شنيبة و محمد اللجمي و الهادي بوصرصار.
وقد كان نشاط الفرقة النحاسية يقام عادة في المناسبات الوطنية والدينية مثل ليلة 27 من رمضان المعظم حيث تسير الفرقة عازفة من مقر النادي بباب الجبلي وتعبر المدينة العتيقة باتجاه باب الديوان وبعض شوارع منطقة باب بحر .
إن نشاط الجمعية العصرية للموسيقى والتمثيل بصفاقس تجاوز النشاط المويسقي النحاسي ببعث فريق رياضي وفرقة موسيقية وترية وأخرى للتمثيل صلبها ,مر منها العديد من الممثلين كعبد السلام البش والمختار حشيشة مؤسس فرقة النهضة التمثيلية بصفاقس. وكتب سيناريو وحوار العديد من الأفلام التونسية،
وتواصل اشعاع الحركة التمثيلية بصفاقس بعد الاستقلال بميلاد الفرقة المسرحية القارة بصفاقس سنة 1965 والتي أسندت ادارتها لعديد القامات المسرحية والثقافية كالفنان الفلسطيني أكرم الدبّاغ والتونسيين جميل الجودي والمنصف السويسي اضافة للمحتفى به عبد الحميد جليل في مناسبتين الأولى من سنة 1978 الى سنة 1983 والثانية من 1987 الى سنة 1995 وهو آخر رئيس للفرقة حيث أصدرت وزارة الثقافة قرارا بحلها في مارس 1995
و أنتجت الفرقة خلال ثلاثين سنة من وجودها أكثر من أربعين مسرحية وأفاد ضيفنا بأنه أخرج عددا كبيرا منها وأوكلت المهمة في بقية المسرحيات لعدة مخرجين كجميل الجودي , عبد اللطيف بن جدو , عبد الرزاق الزعزاع , يوسف الرقيق , توفيق عبد الهادي , عبد الله الوافي , المنصف السويسي , كمال العلاوي , لزهر بوعزيزي وكان للفرقة بعض المسرحيات الموجهة للأطفال مثل ” فلفول ” و ” مغامرات أمير ” و“ يابلدي ”
كما كان لفرقتي اذاعة صفاقس للتمثيل والموسيقى التي نجحت في احتضان مبدعي الجهة الذين قاموا بدورهم بإثراء خزينتها بأجمل الأغاني ومن هؤلاء نذكر الموسيقار العربي والمتوسطي محمد الجموسي ومحمد العش وصفوة وقاسم كافي وأحمد حمزة وسارة وحمادي العايدي وعازف العود المغني محمد بن عمر ومفتاح السميري وجمال الشابي ومبروك التريكي ومحمد الهادي وثلاثي الأنس والعملاق الشيخ محمد بودية الذي نجح في ترويج الموروث الموسيقي الشعبي و حفظه من الاهمال و النسيان
وضمت فرقة اذاعتنا الجهوية على مرّ السنين أجيالا متعاقبة من العازفين وكان الإنتاج الموسيقي يبث مباشرة من الأستوديو ثم أصبح يسجل ويحفظ في الأرشيف .ويوجد في رصيد الإذاعة مئات الأغاني والقطع الموسيقية التي تعتبر من درر الأغنية التونسية