محمد بن جَماعة… فنّان على كل الواجهات الثقافية
نشأ مُحبًّا للمطالعة والقراءة وقضّى صباهُ ملامسًا اليراعة والقلم، يحبّذ الانزواء أحيانًا و مغازلة الريشة والفرشاة حينا آخر وهي تَدُرُّ بما يشعر به من خطوط وخربشات ذكيّة هادفة ونظرة ثاقبة ولطف في مزاج هادئ الطبع وقليل الكلام، وإذا حَادثك يُعطيكَ من طرف اللسان حروفا تتجمع لتنسُج خيوطً المحبة والأمل…
هكذا عرفت المثقف المبدع محمد بن جماعة الاعلامي، والفنان التشكيلي والشاعر، عرفت الرجل وهل يعمل بصمت يراقصُ ريشتَهُ ليُصوّر حُروفًا يعشقُ تموّجاتها عبر خطّ عربي أحيانًا يتطلبُ منك زَمنًا محترمًا لقراءته من خلال تشكيلة فنيّة رائعة…
محمد بن جماعة جمعَ فأوعَى …مشاركته في اللقاءات الأدبية والندوات الشعرية تجسَّمت بتدخلات عميقة وآراء واضحة ثريّة جلبت له احترام المثقفين المشاركين والحاضرين…
هو شاعر يطرب الأسماع وهو يلقي قصائده فخلت ان الموسيقى الكلامية تجد صداها لدى عموم المحبين يُعطي لكل حرف مقصده ولكل جملة مرمَاهَا، يترنّمُ أحيانا مع أهازيج مشاعره فيُصوّرُ سيناريُو حَيَاتيّ معيش، وَخِلت أن صاحبنا يعزفُ سمفونية الحياة ليَعيشَ ردحَاتِ عشقٍ لا يخبُو نَارُها ولا ينطفئُ أجِيجُها…
ضيفنا أحبّ الحياةَ والحريّة كما أحبّهُما لغيره من الناس ويقول : أعشقُ الفنّ والموسيقى الراقية وأطالع بشكل يومي آخر ما يصلني عبر منصات إلكترونية عربية وعالمية تهتم بالكتب الفكرية والأدبية وسائر الفنون…
*سألت ضيفي : ولَعُكَ بالفنّ التشكيلي كان منذ عهد الطفولة فكيف تطور هذا السلوك ؟
– صحيح : أنا مغرم بالفنون التشكيلية منذ طفولتي المبكرة حيث لا أترك القراطيس على نقاوتها فأنا دائم التخطيط والخربشة، أستعمل أعواد الحصير و”الدواء الأزرق والأحمر” حبرًا، أشاهد حركَة عودِ الحصير على الورق الرمادي في تمايل حركي مُشكلا مشاهد ولوحاتٍ ومواقع…وهكذا تطورت موهبتي بشكل لافت في فن الرسم والخط العربي الى أن ساهمت في أول معرض شخصي سنة 1987 تلتْهُ عدة محطات أخرى…
إن مشاركتي في معرض الفنون التشكيلية بصفاقس جعلني أحْتَكُ بعديد الوجوه الفنية التي ساعدتني على نحت شخصيتي والمُضيّ قُدمًا نحو انتاجاتٍ راقية..
*أستاذ محمد، كانت طفولتك تبحث عن دفء الأب المرحوم الى جانب حنان الأم مما أدّى الى مجال وجداني بدأ يظهر من خلال الشعر، كيف توضح ذلك ؟
– كانت الظروف مواتية في طفولتي لأهتم بالشعر، فكيف أقلب صفحات ديوان المتنبي وروايات جرجي زيدان وآثار المنفلوطي الى جانب البحث عن دفء والدي المرحوم وحنان والدتي وقد كتبت أول قصيد في سنّ الثانية عشرة من عمري ومن ثَمّ زاد عشقي لأعمال نزار قباني الشعرية فأصبحت أنتج شعرًا لقي صداه في دور الشباب والثقافة وقد نشر سنة 2005 “قم إليك” و”نشوة ثانية” ثمّ “بلوريات” سنة 2017.
*أستــاذ محمد، الى جانب دورك الاداري في اذاعـــة صفاقس قمت بانتــاج العديد من البرامج، بماذا تفيدنا ؟
– أنتجت العديد من البرامج الثقافية والحضارية وذلك بداية من سنة 1988، من ذلك “المعنى الألف” -“ثقافة بلا حدود” -“شوارع المدينة”- “افريقيا حبيبتي” -“بحار” -“قمم” -“بحر الحضارات”- “موكب العصور” وغيرها من العناوين الأخرى التي أعتزّ بها جميعًا…
*ضيفي الكريم أنت وجه ثقافي معروف على الصعيد الوطني والعربي كيف تقرِّبُنا من هذه الأجواء ؟
– نعم، أتابع بالحضور جلّ الأنشطة الثقافية بصفاقس وأستمع الى المشاركات الأدبية والفكرية والفنية والموسيقية، كنت ناشطا بنادي الشعر والقصّة محمد البقلوطي.
وفي سنة 2016 التحقت بالكتابة العامة لفرع اتحاد الكتاب بصفاقس فرئيسًا للفرع سنة 2019، عربيا أشرف على الصفحة الالكترونية للاتحاد الأدباء الدولي فرع تونس.
*ختاما، يسعدني صديقي وزميلي أن أبارك هذا العمل الذي نقوم به على كل الواجهات الثقافية وأحيّي فيك هذا المجهود وأنت الرجل العصامي الجامع لكل روافد الثقافة في هذه الربوع المعطاء، دمت متألقاً…
– تحيتي لكم ولقراء شمس الجنوب، هذه المجلة التي لا أنسى فضلها عليّ وهي التي تساهم في تعزيز الزّاد الثقافي بتونس علما وأنّي كنت ضيفا عبر صفحاتها سنة 1987 عندما استجبتُ لدعوتكم في ذلك الوقت في ركن شاعر وفنان…