طالما هناك سماء هناك أمل في أن يعبرها طائر
الكتاب قدمه الصديق أ.د خليل قويعة بعين الناقد وببصيرة مفكر باحث. ورأى فيه مصدرا للتفكير والتأمل بالنسبة للأجيال القادمة، وهو يسمح للقارئ بإغناء معارفه بحكمة التجارب والخبرات والأفكار. وأيقظ في مداخلته 24 عنوانا لافتا لـ 24 شخصية شملها الكتاب. ورأى أ.د. خليل قويعة أن نزل ايبيس صنع لنفس اسما مهيبا وسط شريحة المثقفين والعائلات الصفاقسية بهذا الاحتفاء بالكتاب، وهو عمل جديد ولافت في الدائرة الثقافية.
وانضم للحوار والنقاش عدد من الحاضرين نذكر منهم كلمة الأستاذ مبروك العطي لفت فيها النظر الى غياب مؤلفات تهتم بذاكرة الأعلام وتاريخهم من المكتبات في إشارة إلى كتاب محمود مقديش”نزهة الانظار في عجائب التواريخ والأخبار” المعروف بدائرة مقديش، وكتاب “تراجم المؤلفين التونسيين” للمحقق محمد محفوظ، وكتاب “تاريخ صفاقس، رجال واعلام” لابي بكر عبد الكافي. وتساءل عن الطرف الخفي القادر على توفير هذه الكتب النادرة والمطلوبة من القارئ؟ مما يدل على أهمية هذا النوع من المؤلفات.
وأبان الباحث د.عبد المجيد بن البحري في قراءته للكتاب بصدقيّة : “أن الكتاب جاء في توليفة من التاريخ والسيرة والمقال الصحفي”. وكتب على موقعه “كتاب ممتع أنيق يعبق برائحة صفاقس وأعلامها ومعالمها وذاكرتها الحية…
وذكر د.سمير العيادي رئيس جمعية “لباس” على جداره : “أتحفنا صديقي العزيز دائما، د. رضا القلال ، زميل الدراسة ، الباحث في التاريخ، بمؤلف قيّم و رفيع : (أعلام من صفاقس، علامات و دلالات ج 1)؛ و قدّمه في أمسية بهيجة بنزل فاخر، امام حضور كريم ومحترم جدا، صحبة صديقي الأستاذ الجامعي المعروف أ.د خليل قويعة، وصديقي المدير العام لنزل ibisصفاقس أمين الغيزاني الذي ترأّس جلسة تقديم الكتاب وأدارا الحوار بحنكة ودراية. هذا المؤلّف ينتمي الى صنف الكتابة البيوغرافية، وهنا تكمن قيمة الكتاب وما يحتويه. فمجتمعنا في حاجه أكيدة الى أمثلة عليا نمَت فيه ويعتبر بها وقدوات ترعرعت فيه يتبعها ثم ينجز على منوالها ومن ثمة يضيف افضل منها…أنا معجب بهذا الإنجاز وفخور بالأعلام المذكورة.”
هذا الحفل البهيج الذي احتضنه بهو فندق ايبيس، كان حقيقة حميميا وهادئا ولطيفا، أغدق انشراحا على الحاضرين لحسن الترتيب وجمال الديكور وتنويعات “استراحة القهوة” في الأخير .
ضيفان صديقان ازدان بهما اللقاء السيدة ندى الشعري مديرة إذاعة صفاقس، والسيد محمد الخراط المندوب الجهوي للثقافة، وكوكبة من الفاعلين في المشهد الثقافي والإعلامي والاجتماعي: الأستاذ إبراهيم بن صالح والسيدة هند الشويخ، السيد رياض الحاج طيب، الأستاذ المحامي الطاهر كمون، عميد عائلة العفاس سي رشيد، السيدة حياة بوزقندة، الأستاذة المحامية فريدة خماخم ، السيد سامي اللوز، السيد محمد الحكيم، الأستاذ عبد اللطيف الحشيشة، د.سمير العيادي، السيد عبد الرزاق هدريش، حفيد الأستاذ عبد المجيد الحاج قاسم، الزميلات والزملاء زياد خنفير ونجيبة ودربال وعائشة بيار وعبير شقرون وهندة لسود وحاسم بودية وعمر ذويب ….
لا يمكن أن اغفل عن غيابين عن هذا الحفل لظروف مانعة حقا ألزمتهما على البقاء بالعاصمة. اثنان هندسا هذا الموعد الحميمي، هذا اللقاء الثقافي، وحرصا على توفير كل أسباب النجاح في أدق تفاصيله الصديق مالك اللوز وافر المحبة والعطاء وصاحب النظرة الإيجابية الثاقبة، والصديقة نرجس الفراتي الرقيق التي رافقت الجميع من التصميم إلى التوثيق مرورا “بكوفري الكتاب” الفريد والثمين في معناه ورمزيته…
ما ينبغي ان تكون أعلام المدينة في “الظل”
وجدير بالإشارة ان المنظمين رتبوا لفتة تقدير واعتبار الى مؤسسة التصميم (غروب توب)، وإلى المطبعة (نوفا برانت) لما أفضي على هذا الكتاب من بريق تصميم الغلاف والتخطيط الداخلي والطباعة ذات المواصفات العالمية. وفي ذلك تأكيد على ضرورة خدمة الذائقة الفنية والبصرية للإصدارات. وغني عن القول إن الغلاف الجذاب يجذب القارئ، بينما التخطيط المتقن يضمن سهولة القراءة وراحة العين. والتصميم والطباعة في نهاية الأمر يلعبان دورًا حاسمًا في نجاح الكتاب، سواء كان ذلك في جذب القراء أو تسهيل عملية القراءة.
لقد جمعت في هذا الكتاب موزاييك من الأسماء بأنساق معرفية مختلفة وفي مواقع متعددة وبتجارب ثرية والكتابة عن مسيرتهم ومنجزهم استدراج للتاريخ والعقل والوطنية والتماس للبحث عن مواطن القوة ومواضع الاقتداء في تراثنا. وفي هذا الكتاب اشتغلت في حدود صلاحياتي ولم أتجاوزها كمؤرخ وكاتب صحفي، حيث ضفرت لغة التاريخ بلغة الصحافة، مع إضافة لمسة من النثر الادبي، ولم اكتب لا باللغة التراثية ولا الفقهية ولا لغة الحساب العقلاني (الرياضيات).
وتبقى الذاكرة الحية للثقافات هي التي تستدعي منجزات روادها ومبدعيها ومناضليها ورموزها، وتعدهم نبراسا لها وسندا نحو المستقبل.