التراث اللامادي في صفاقس : من استخراج زيت الزيتون ونجارة الجبّوز الى مشطية جبنيانة وشرفية قرقنة
ان كانت الاثار المنتشرة هنا وهناك في ولاية صفاقس انطلاقا من يونقا بالمحرس وصولا الى بطرية بجبنيانا ومرورا بطينة وبرج الحصار بقرقنة وما تحتويه المدينة العتيقة من معالم تدل على تجذرها فان الجهة تختزن مظاهر أخرى للثراء الحضاري والثقافي تتجسد في عناصر التراث غير المادي أو الحي المتمثل في الممارسات والتصوّرات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافيّة تعتبر جزء من تراثها الثقافي. المتوارث جيل عن جيل، تبدعه الجماعات والمجموعات من جديد بصورة مستمرّة بما ينمّي لديها الإحساس بهويّتها والشعور بإستمراريتها
للتعرف على مختلف مكونات التراث الثقافي اللامادي في صفاقس أجرينا حوارا مع الباحث في المعهد الووطني للتراث الدكتور فريد خشارم فأكد أن مشروع الجرد الوطنيّ للتّراث الثقافي اللاّمادّي بتونس اعتمد تصنيف سباعيّ في تمشيه منها التقاليد الشفويّة وأشكال التعبير الشفويّ بما في ذلك اللغة كواسطة للتعبير عن التراث الثقافيّ اللامادّي والثقافة الغذائية التقليدية والمهارات المرتبطة بالحرف التقليديّة.
وأشار محدثنا الى عدد من مكونات للتراث اللامادي بصفاقس المسجلة في الجرد الوطني المذكور المتمثلة بالأساس في عصر الزيت و نجارة الجبّوز واعداد الملبس والمرقة والشرمولة وصناعة البندير والغربال والسرج والطرف القرقني ومشطية جبنيانة وتقطير الزهور والصيد بالشرافي بجزية قرقنة والحاجوجة وقدم نماذج من البطاقات التي حررها لنورد البعض منها كما يلي
رحي وعصر الزيتون
تعتبر صناعة الزيت من التقاليد الراسخة والمعارف المنتشرة بمدينة صفاقس على نطاق واسع، بدء بالفلاح الذي يعدّ أول الخبراء في تقدير نسبة الزيت بالثمار قبل جنيها وبالتالي هو الذي يحدّد موعد الجني مرورا بالعائلة سيّما المرأة الخبيرة في “طفح الزيت”، ويعدّ كامل اإلطار المشرف على المعصركالريّاس، والبحريّة مختصون في صناعة الزيت ويعدّ التاجر بمدينة صفاقس خبيرا في هذه الصناعة وله معرفة عميقة وتجربة ذاتيّة في تمييز الزيوت وتحديد درجة الحموضة خاصة عن طريق التذّوق
وتعتبر صناعة الزيت من التقاليد الراسخة بمدينة صفاقس منذ الفترة الوسيطة، وانتقلت هذه الصناعة من اإلطار العائلي الضيّق إلى المعصرة ومجال السوق وتعرف اليوم إشعاعا وطنيّا ودوليّا، لكن ّ يعرف العنصر اليوم تهديدات من شأنها أن تأث تعّوض “المدار” واليد العاملة، ومن هذه التقنيات ما يعرف “بالسلسلة” ) Chaine )التي تشتغل بالطاقة الكهربائيّة وتعّوض اليد العاملة وبإمكانها اختصار الوقت بشكل كبير
نجارة الجبّوز
يعد تحويل خشب الزيتون من أبرز االختصاصات الحرفيّة المميّزة لمدينة صفاقس منذ الفترة الوسيطة، ورغم انتشار هذه الحرفة بالعديد من المدن التونسيّة على غرار كركوان وتونس والمنستير والمهديّة وسيدي بوزيد، فقد حافظت صفاقس على هذه المعارف المتوارثة والمهارات المكتسبة وبقيت نموذجا معبّرا عن هذا التقليد باعتبارها منتجا رئيسيّا لمستخرجات هذه الحرفة الواعدة خاصة مع امتداد مساحة غابة الزيتون بها.
الشرمولة
تعد الشرمولة موروثا ثقافيا تداوله الأجيال بمدينة صفاقس حيث تعتني العائلات الصفاقسية أثناء عيد الفطر باحضار هذا الطبق الغذائي كما نقل الوافدون على المدينة وأدمجوه ضمن عاداتهم الغذائية
وتحرص الام على تعليم ابنتها فنون الطبخ كأحد مكونات التنشئة الاجتماعية للفتاة ونظرا لصبغتها الاحتفالية يساهم كل أفراد العائلة في اعداد الشرمولة وتشهد المدينة حركية استثنائية تنتعش خلالها تجارة الغرابل والبقول الجافة والبصل والزبيب والأسماك الموجهة للتمليح والتي تؤكل مع الشرمولة
مشطية جبنيانة
اشتهرت مدينة جينيانة بنمطين من المنسوجات التقليديّة من أهمها المشطيّة وهي غطاء رأس نسائي سميك ّلها أشكاال ورموزا وأيضا لحاف يغطّي الرأس وينسدل حتّى أسفل الكعبين وتتكّون من وجه وقفا على عكس بعض المنسوجات التي يكون فيها الوجه مثل القفا،
وقد حافظت المشطيّة على مكانتها كأحد القطع الملبسيّة الأساسيّة في جهاز العروس، كما تستعمل اليوم ضمن المفروشات وعنصر زخرفي داخل البيت ويعتبر نسج المشطيّة من الحرف اليدويّة التي تنجز في ورشات صغيرة داخل المنزل حيث يتم تخصيص غرفة توضع فيها األدوات والمعّدات المستعملة في عمليّة النسيج
الشرفية القرقنية
الشرفية القرقنية تسمية مستمدة من المصطلح العربي شرف الذي يعني ، النبل. وعائلة الشرفي التي كانت يمتلك ، لعدة أجيال ، مصائد الأسماك الثابتة من هذا النوع وفي الواقع هذا الاسم عام يشمل لجميع أنواع مصائد الأسماك الثابتة ، وأسمائها تختلف حسب الحجم والموقع والتوجه ، وكذلك العمق من البحر ،