الأستاذ الدكتور علي الشّابّي … الجديد من أدب الشّابّي ينشر لأوّل مرّة
وهكذا بعد ستّ وثمانين سنة ينطلق صوت الشّاعر مُخترقا سُجوف العدم، وهو يتغنّى في جديد أدبه بحبّ الوطن، وعزّة الأحرار، وأمل العاشقين، وشوق العارفين، ويُسائل الوجود في حيرة فكريّة ودهشة وجدانيّة عن المبدإ والمصير، مُتشوّفا في الوقت ذاته إلى الخلاص الصّوفيّ الأبديّ الذي به تتحرّر الرّوح من أسر المادّة، وتعرُج إلى العالم العلويّ، وهناك تسبح في الطّهر والصّفاء والضّياء والسّلام، وتنعم ببديع الألحان.
لم يكن الشّابّي شاعرا محليّا ولا إقليميّا، وإنّما هو شاعر عالميّ متفرّد في فنّه يخاطب الإنسان أيّا كان في أيّ زمان وفي أيّ مكان، وكلّ من يقرأ شعره يجد نفسه فيه بل يتصوّر أنّه كتبه له دون غيره حيث يلاقي فيه رُؤاه وأفكاره ومشاعره وقضاياه وقيمهُ الإنسانيّة السّامية، وتلك هي سِمة شاعر الإنسانيّة.
يحتوي كتاب «ظلال النخيل» على 25 نصّا شعريّاو 22 نصّا نثريّا. وهذه النّصوص موزّعة بين الوطنية والحكمة والطبيعة والغزل والرثاء وأشواق الصّوفية والرّومانسيّين، وقد أبدع الشّاعر في تشكيله الفنّي من جمال اللغة وسحر الطبيعة. كما يحتوي الكتاب على 28 رسالة من الشّابّي وإليه وهي تُعتبر مصدرا أساسيّا لتعرّف الحياة الثقافية في تونس في أواخر العشرينات وأوائل الثلاثينيات من القرن العشرين وتكشف عن التحوّلات التي مرّ بها الشاعر في تلك الفترة إذ تتميّز عن غيرها من المصادر العامّة بشدّة بَوْحها ومستفيض إفصاحها، فهي لا تخفي سرّا ولا تشذب خبرا لأنّها قصر على المتراسلين. يضمّ الكتاب صورا من النصوص الأصلية بخطّ الشّاعر وملاحق عديدة.