أيام قرطاج السينمائية تزور السجون للسنة السادسة على التوالي
في السنوات الأخيرة، تزايد في تونس اهتمام المثقفين والفنانين ومختلف التظاهرات الثقافية بالسجون، وخصصت لنزلائها العديد من الأنشطة الثقافية منها لقاءات مع كتاب وشعراء أو ورشات مسرحية تنتهي بإنتاج أعمال يقدمها السجناء ضمن تظاهرة أيام قرطاج المسرحية أو محاولات لجمع الكتب وإنشاء مكتبات داخل السجون، كلها في إطار الاهتمام بهذه الفضاءات كمجال للإصلاح لا العقاب والزجر.
وكانت أيام قرطاج السينمائية من أولى التظاهرات الثقافية والفنية التي دخلت عالم السجن، حيث سعت إلى أن تكون نافذة للسجناء على العالم الخارجي، وتواصل الأيام نهجها ذاك للسنة السادسة على التوالي، إذ سيتم عرض 6 أفلام في خمس وحدات سجنية من 19 إلى 23 ديسمبر الجاري، وذلك بالتوازي مع فعاليات الدورة 31 من المهرجان.
برنامج أيام قرطاج السينمائية الذي اكتسح الوحدات السجنية والإصلاحية منذ سنة 2015، سيزور في نسخته السادسة المودعين بالسجن المدني بأوذنة (ولاية بن عروس) والسجن المدني بولاية سليانة، ومركز الإصلاح بسوق الجديد من ولاية سيدي بوزيد والسجن المدني بولاية صفاقس جنوب تونس، والسجن المدني ببرج العامري من ولاية منوبة.
ولتسليط الضوء على الدورة السادسة من أيام قرطاج السينمائية داخل السجون، التي تشترك في تنظيمها إدارة المهرجان مع المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب والإدارة العامة للسجون والإصلاح، تم عقد ندوة صحافية الثلاثاء، بمدينة الثقافة للكشف عن البرنامج والاستعدادات الخاصة بهذه الدورة، التي تقام أيضا في ظروف صحية استثنائية للتوقي من انتشار فايروس كورونا.
وأكد المدير العام لأيام قرطاج السينمائية، رضا الباهي، في مستهلّ الندوة الصحافية، على أن تخصيص الأيام لعروض داخل السجون يجسّد حق المواطن في الثقافة حيثما وجد داخل السجن أو خارجه، ويبعث برسالة التزام تجاه كل المواطنين حيثما كانوا.
وتحدّث المستشار العام مدير الأنشطة الثقافية والرياضية بالإدارة العامة للسجون والإصلاح، طارق الفني، عن دور الأنشطة الثقافية في السجون وأهميتها في أنسنة نظام العقوبات، وتخفيف حدّة الضغط بين موظفي السجون والسجناء.
وقال إن السجين يتمتّع بكامل حريته في التعبير الثقافي داخل السجن دون رقابة مسبقة، مبرزا أن البرامج الثقافية في المؤسسات السجنية ومراكز الأطفال الجانحين، تندرج في سياق انخراط الإدارة العامة للسجون والإصلاح، ضمن استراتيجية مسار إصلاحي يقوم على إعادة تأهيل السجين في الحياة الاجتماعية، مؤكدا على أن السجين هو مواطن فقدَ حريته، لكن ذلك لا يمنعه من حقوقه في التمتع بمكاسب ثقافية واجتماعية.
وذكر طارق الفني أن الإدارة العامة للسجون والإصلاح تعمل مع شركائها لتمكين حوالي 10 آلاف سجين من متابعة العروض المبرمجة في هذه الدورة، مشيرا إلى أن إدارة المهرجان ستمكّن الوحدات السجنية من “وحدة تخزين” تتضمن الأفلام المدرجة ضمن هذه الدورة لعرضها أمام السجناء.
وتطرّق الفني أيضا إلى الإجراءات الصحية الوقائية من فايروس كورونا التي اتخذتها المؤسسات السجنية لمنع انتقال العدوى وتفشّيها في السجون.
ومن جهتها، نوّهت مديرة مكتب تونس للمنظمة الدولية لمناهضة التعذيب، غابريال رايتر، باستمرارية العروض السينمائية في الوحدات السجنية، معتبرة أن تقديم هذه العروض داخل السجون من شأنها أن تساعد السجين على الاندماج مجددا في المجتمع.
وأكدت رايتر على دور الأعمال السينمائية والفنية في التوعية والتثقيف ومنح السجناء الحق في الثقافة من خلال مشاهدة الأفلام ومناقشة مضامينها مع المخرجين والممثلين المشاركين في الأعمال السينمائية.
وبخصوص برنامج الدورة السادسة لأيام قرطاج السينمائية بالوحدات السجنية والإصلاحية، ستنطلق هذه الدورة يوم 19 ديسمبر من السجن المدني بأوذنة الذي تمّ تدشينه مفتتح السنة الحالية، حيث سيشاهد المودعون هناك فيلم «الرجل الذي باع ظهره» للمخرجة كوثر بن هنية.
وتزور أيام قرطاج السينمائية السجن المدني بسليانة يوم 20 ديسمبر، حيث سيتم عرض الفيلم الوثائقي الطويل «المدسطنسي» للمخرج حمزة العوني. وسيكون الموعد يوم 21 ديسمبر مع المودعين بمركز الإصلاح بسوق الجديد بسيدي بوزيد حيث سيتم عرض الفيلميْن «True story» لمحمد أمين لخنش و”فيزا” لإبراهيم اللطيف.
ويُعرض الفيلم الروائي الطويل «بيك نعيش» لمهدي البرصاوي يوم 22 ديسمبر بالسجن المدني بصفاقس. ويُسدل الستار على هذه النسخة السادسة من أيام قرطاج السينمائية في السجون يوم 23 ديسمبر بعرض فيلم «فتوى» للمخرج محمود بن محمود بالسجن المدني ببرج العامري.