أمينة فاخت تسقط على الركح
يسمُو الفن في سُلَّمه الترتيبي ليصل الى مراتب الابداع وهي مرحلةٌ تُحتِّمُ على صاحبها أن يبذُل كُلّ مَا في وسعه من مُقومّات العطاءِ والاجتهاد الشخصي حتّى ينالَ المرتبةَ المحققة لآماله وطموحاته و يُسجِّل ترانيمَ بُغيتِهِ بكلّ مَقدُوةٍ ومسؤولية دَيدنُه في ذلك النجاح والتألق.
وهذا فعلاً مَا حدَا بمطربتنا الفنانة المتألقة على الدوام أمينة فاخت أن تفرِضَ شخصيتها خارج تونس وبالتحديد ليلة رأس السنة الميلادية في المشرق العربي في قطر أمام الجالية التونسية الى جانب الحضور المشارقي في سهرة مطوّلة استعرضت فيها كلَّ قُدراتها الفنية والابداعية…
حضورٌ ركحي أمام جمهور خيَّرَ المكان عن سواه واقتلع التذاكر قبل موعد الحفل بعدّةِ أيام ليحضَر ويُشاهدَ لونا تونسيا معيّنًا…
صالت أمينة وجالت في سهرةٍ انتظرها عديد المحبين في المشرق العربي، الركحُ عندهَا مساحةُ تَنقُّل ارادي فهي لا تبقى في مكانها البتّة، تقفزُ وتهرول، تغنّي فتُطرِبُ من حولهَا وتَصيحُ أحيانا مُستغلة قُدراتها الصوتية فتجلبُ الأنظار من خلال تمايلاتها الجسديّة، تداعبُ الكلمات وتتمايل مع ألحانها لتعيشَ مع خفايا الأنغام ولترسمَ سمفونية العِشق الدفين والحبّ المتجذرِ في أعماق نفسيتها…
نعم، أبدعت أمينة ليلتها وحتى سقوطها على الركح بعد تعثُّرِها بجهاز تردّدٍ صوتي لم يثنِها عن الهيجان بل واصلت بكل قوة واندفاع…قوة شخصيتها جعلتها لم تتأثر بما حدث بل نهضت لتُشعِل أجواءَ الحفل من جديد بكل احساس وحرفية وابداع…انسجامُ الجمهور جعلها تتفاءلُ أكثر مع الموسيقى بل أحيانا تخلو الى أجواء رومنسية سرعان ما تشدّ اليها الناظر…انها الممثلة الساحرة التي تعزف على قيتارة الحبّ والشعور الوجداني…انها الفنانة لهلوبة المسرح وعاشقة الحياة…
الفنان التونسي حطّم كلّ مركبّات النقص وتبوّأ منزلة محترمة في العالم العربي وبامكانه أن يزاحم كل الأصوات مهما قَوِيَ شأنها وكفانَا جلبًا لأصواتٍ أصبحنا لا نُحبّذُها في مهرجاناتنا…
علي السقا