حوار مع الدكتورة أماني الفقي : حول كورونا وتأثيرها على العلاقة الزوجية والأسرية
فيروس كورونا غدا كالوحش الكاسر لا تقتصر أضراره على الفتك بجسم الانسان فقط بل وتسبب في أضرار وضغوطات نفسية واقتصادية هزت كيان الأسر وأثرت سلبا على العلاقة بين الزوجين.
حول هذا الموضوع أجرينا حوارنا مع الدكتورة “أماني الفقي” المختصة في الطب النفسي
- ما مدى أهمية العلاقة الحميمية بين الزوجين وكيف تتأثر بسبب ما نعيشه اليوم من ضغوطات نفسية واقتصادية خاصة عن جائحة كورونا.
العلاقة الحميمية عماد الحياة الزوجية لأنها تقرب بين الزوجين فحتى إن كان هناك خلاف فإن تلك العلاقة تعد همزة وصل توطد الروابط التي تدعم الكيان الأسري.
إن سعادة الزوجين وتلبية حاجتهما الجنسية تجعلهما قادرين على الإقبال على الحياة والقيام بجميع مسؤولياتها ورعاية الأبناء وتسير أمور الأسرة خاصة وأن هناك من الأزواج من يرعى أيضا والديه المسنين وكل هذه الواجبات تتطلب من الإنسان أن يكون متوازيا نفسيا لذا فإن العلاقة التي تربط بين كل زوجين ليست مقتصرة على القيام بجميع شؤون الأسرة فقط بل هي علاقة في الأصل ربطت بين اثنين من حق كل منهما أن يسعد مع الآخر ويجد الاهتمام والرعاية وتفهم الشخص الذي أمامه وهنا نقصد أن يشعر بمتاعبه وبما يعانيه فقد يتعب الزوج أو الزوجة بسبب ما يعيشه من ظروف اقتصادية صعبة تؤثر سلبا على النفسية وبالتالي على العلاقة الحميمية التي تتطلب الراحة النفسية أولا اذ لا بد من الحوار البناء ليعمل كل فرد على التأقلم مع ما نعيشه اليوم فالخوف في الإصابة بالفيروس علينا أن نواجهه بالاحتياطات الواجب أخذها أما الصعوبات المالية نحاول مسايرة الوضع كل حسب مقدرته لتتقلص المشاكل أكثرها يمكن بما تجدر الإشارة إليه أيضا أن المرأة التونسية بالذات تحمل على عاتقها عديد المسؤوليات فهي تشتغل وتشرف على الأسرة إذ تعود إلى البيت منهكة لتواجه شؤون الأبناء ومتطلبات أسرتها في انتظارها وهذا التعب يضعف لديها الرغبة الجنسية وهنا نلاحظ أن من النساء من يتجنبن اليوم الحياة الحميمية متعللات بالخوف من كورونا لكن في الأغلب هو تخف وراء هذه الجائحة.
لذا ندعو إلى الحوار البناء بين الزوجين والصراحة فالتعب والإرهاق وتحمل المسؤوليات الأسرية كلها إذا ألقيت على عاتق المرأة وحدها ستولد لديها مشاكل صحية فقد تصمت الزوجة ولا تشتكي لكن يأتي يوم ويصرخ جسدها معبرا عن متاعبه فتظهر الأمراض والآلام بمختلف أنواعها مثل ضغط الدم السكري آلام المفاصل الصداع وغيرها كثير.
إن العلاقة الزوجية تهم الطرفين المرأة والرجل فالزوج قد تشغله الصعوبات الحياتية فيكون لذلك أيضا التأثير السلبي على علاقته بالزوجة في الخطأ في مثل هذه الأوضاع أن يبقيا صامتين بل من الأفضل أن يتناقشا بهدوء وأن يشعر كل منهما الطرف الآخر بالاهتمام وبتقدير المشاعر فالمشاعر والأحاسيس على غاية من الأهمية والاهتمام بهذا الجانب يعد مثل البلسم يشفي النفس والجسد بينما التجاهل وعدم الاهتمام يحيط الانسان ويدمر النفسية ويقتل الفرحة فينجر عن ذلك مشاكل زوجية تهدد كيان الأسرة لذا لا بد من التعبير وباللسان تعبر عما نريد وما ننتظر فعلى الزوج أو الزوجة أن يدركا أن الطرف المقابل قد لا يعرف ما بداخل شريكه وبالتالي التعبير أفضل وسيلة لحل أي مشكل. وعليهما أولا وآخرا أن يوليا المشاعر أهمية هذا هام فلا نتجاهله. وليكن حوارنا صرنا بعيدا عن اللوم وعن اجترار الماضي فما فات انقضى وعلينا بإصلاح ما نعيشه اليوم وغدا نعمل على أن تكون حياتها أفضل فالمكوث عند نقاط سوداء مرت وانتهت لن يفيدنا بل نسعى لإسعاد أنفسنا علما وأن كلما كان أحد الزوجين يحمل في داخله ألما وجروحا نفسية لم يعبر عنها كلما كان لذلك عواقب وخيمة على الجانب الحسي له فلا يشعر بالمتعة بأي شيء.
- بما أننا نتحاور حول أهمية العلاقة الزوجية ننصح أيضا المقبلين على الزواج أن يعرف كل منهما انتظارات الآخر في الحياة الأسرية بصفة عامة وهل يتقبل شريكه بمحاسنه وعيوبه أم لا لأن الزواج مشروع حياة مشتركة طيلة العمر.
- ننصح أيضا الوالدين بعد التدخل في حياة أبنائهم المتزوجين خاصة وأن هناك عديد الأسر تسكن مجاورة لبيت الأهل أي للعائلة الموسعة وقد تنجم عن هذه الجيرة تدخلات في أدق تفاصيل حياة الأبناء وهذه معضلة تكمن وراء مشاكل وخصومات بين الزوجين.
ختاما: لا نجعل من فيروس كورونا شماعة نعلق عليها الفشل في أي مجال لا نترك الجائحة تأخذنا إلى الوراء فمن التلاميذ مثلا من لا يرغب في الدراسة أو مراجعة دروسه متعللا بالكورونا وآخرون لا يتوجهون لعملهم لنفس السبب.
علينا بمعالجة أي مشكل يعترضنا بدل الهروب منه أو المكوث في أماكننا إن من يقف مكانه لن يتقدم أبدا. علينا بأخذ الاحتياطات اللازمة من تفشي فيروس كورونا ثم ننطلق لنمارس حياتنا.