صيحات فزع جراء الانتصاب الفوضوي في صفاقس فهل يأتي الحل في قادم الأيام ?
التجارة الموازية ظاهرة متفاقمة اكتسحت جل القطاعات وشملت الكثير من السلع كالمواد الفلاحية والغذائية والأدوات المدرسية والملابس والأحذية وغير ذلك وغزا الانتصاب الفوضوي فضاءات عدة كقارعة الطريق والأنهج ومداخل المدن وبلغت نسبة الاقتصاد الموازي ال54% وشملت تداعياته السلبية المجالات الصحية والاجتماعية وحتى الامنية والثقافية
ونظرا لخطورة الوضع أطلقت منظمات عديدة صيحة فزع مطالبة بوضع حد لإغراق الأسواق بمواد مجهولة المصدر وغير مجدية، وتكثيف المراقبة على الحدود لمكافحة ظاهرة التهريب ومقاومة الانتصاب الفوضوي على غرار الاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بصفاقس الذي وجه مؤخرا رسالة لوم شديدة اللهجة لبلدية صفاقس
اتحاد الأعراف بصفاقس يطالب بمقاومة فعالة للانتصاب الفوضوي في المدينة
أكد رئيس الاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بصفاقس أنور التريكي أن أعضاء المكتب التنفيذي وهياكل ومنتسبي الاتحاد ممتعضون لما آل اليه الوضع في مدينة صفاقس بسبب الانتصاب العشوائي الذي أصبح بمثابة ” الغزو المنظم للشوارع والمداخل والمحيط من كل جانب ” بما خلف ” تشويها كاملا للمدينة وجماليتها وأخطارا مجتمعية وأمنية واغتصابا لحق التجار والحرفيين الذين عمروا المدينة جيلا بعد جيل يشعون على تونس كلها وعلى الجوار وكل شرق المتوسط
وأضاف رئيس منظمة الأعراف بالجهة قائلا ” ان التجارة المنظمة لم يعد لها مكان في المدينة بسبب الاكتساح المرعب لأصحاب البساطات والفرش وكل ما تسطح في المنظر يعرضون فيه بضاعة من كل لون لا فيها تأكد من المعايير الصحية ولا قدرة على الرقابة من الغش والأسعار
وبخصوص التبريرات التي يعتمدها البعض للسماح بالانتصاب الفوضوي أكد كاتب الرسالة أنه يجري تقديم حجة اجتماعية في الغرض باعتبار المنتصبين الفوضويين أرباب عائلات محتاجة لمورد رزق غير أن ” عددا لا بأس به من هؤلاء هم أوفر دخلا ومالا من أرقى موظف في الدولة وقد احترفوا الانتصاب العشوائي في أكثر من مكان منذ مغادرتهم لمقراتهم وعناوينهم الأصلية … كما أن الظروف الاجتماعية لعشرات الآلاف من التجار والحرفيين اغتصبت حقوقهم بسبب الخرق الفاضح للقانون ”
هذا وقد لوّحت منظمة الأعراف في الرسالة المذكورة “باتخاذ إجراءات تصعيدية” حيث ختمتها بالتأكيد على ان اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية لن يتردد في تأييد ودعم أي تحرك قانوني يقوم به التجار والحرفيون دفاعا عن حقوق مشروعة جرى ويجري التعدي عليها”.
الانتصاب الفوضوي في باب القصبة نموذجا لما تشهده المعالم التاريخية من طمس
يحيط بالمدينة العتيقة بصفاقس كما هو معلوم سور مرتفع لم يفقد تصميمه الأصلي حيث بقي دون غيره في تونس والوطن العربي متماسكا الى اليوم وتقع القصبة في الرّكن الجنوبي الغربي للمدينة العتيقة وقد كانت رباطا في أول أمرها وأصبحت منذ تأسيس المدينة مركز الحكم ومقرا للوالي ثم أصبحت في عهد الدولة العثمانية أي في أواخر القـرن16، مقـرا للجيش وهـي تحتضن الى اليوم عدة معالم جديرة بالحماية والابراز وقد أكدت منسقة ملف تسجيل صفاقس في قائمة التراث العالمي لليونسكو والناشطة المدنية البارزة أسماء البقلوطي أن الانتصاب الفوضوي طمس عدة بناءات تاريخية على غرار المدرسة العباسية التي كانت تستغل ك ”بيمارستان ” أي مستشفى بلدي أو دار للشفاء ثم تحولت الى مدرسة لتعليم الفتيات وجامع سيدي الياس وصومعته الشهيرة المرتبة ضمن التراث الوطني ومتحف العمارة التقليدية الذي يضم رواقا لمختلف تقنيات البناء وأدواته وعدة مكونات أخرى ورواق محمد الفندري للفنون التشكيلية أنشئ مكان السجن التاريخي للقصبة وساحة القصبة ذاتها التي هيئت كفضاء للتنشيط الثقافي وكانت قد احتضنت عدة فعاليات على غرار مهرجان الفنون الافريقية
وأبرزت محدثتنا ان انتصاب التجار بكثافة في هذه المنطقة التاريخية وغيرها على غرار ساحة سيدي بلحسن ورحبة الرماد وباب الجبلي وباب الديوان أفقد مدينة صفاقس رونقها مؤكدة أنه كان بالامكان غض النظر لو كانت الظاهرة محدودة جدا وتقتصر على عدد ضئيل من فاقدي السند الاجتماعي غير أن الواقع اليوم عكس ذلك تماما
وأكدت أن الظاهرة لا تخلو من وجود حسابات سياسية ضيقة تهم الأرصدة الانتخابية المراد كسبها وأنه كان بالإمكان ايجاد الحلول الملائمة للجميع كما حصل منذ سنوات في ما كان يعرف بسوق ليبيا
وعود بإيجاد الحلول الملائمة
تم مؤخرا عقد اجتماع ضم ممثلي الاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية و بلدية صفاقس للبحث عن الحلول الممكنة لمعضلة الانتصاب الفوضوي واتخاذ التدابير الأمنية واللوجيستية اللازمة
وأكد رئيس بلدية صفاقس منير اللومي على ضرورة تكاتف جميع المجهودات على غرار وزارة التجارة والديوانة التونسية والبلدية وغيرها حتى تكون التدخلات ناجعة
وأشرف والي صفاقس أنيس الوسلاتي بمقر الولاية على جلسة عمل خصصت للنظر في الحلول الممكنة للحد من ظاهرة الانتصاب الفوضوي والتجارة الموازية والوضع داخل المدينة العتيقة والدوائر البلدية بحضور رئيس بلدية صفاقس والمدير الجهوي للتجارة بصفاقس ورئيس الاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بصفاقس وعدد من ممثلي المصالح الأمنية والديوانية بالجهة ذات العلاقة.
وعن مخرجات هذا الاجتماع أفاد عضو المكتب التنفيذي رئيس المجلس القطاعي للتجارة للاحاد الجهوي للصناعة والتجارة بصفاقس ورئيس الغرفة الوطنية للتجارة الخضر والغلال بالتفصيل عماد الطرابلسي أن الحل المتفق عليه تمثل في ضرورة ارساء تعاون و تدخل مشترك يضم كل المتدخلين على غرار البلدية والإدارات الجهوية للتجارة والصحة والديوانة والشرطة البلدية والبيئية وغيرها عبر فرقة مشتركة وأكد محدثنا ان لجنة خاصة تضم الادارات المذكورة وتحت اشراف والي صفاقس ستهتم بتفعيل هذا الاتفاق
وأبرز أنه وبحكم خبرته وتجاربه وإطلاعه على عدة ملفات ومساهمته في انجاز دراسات في الغرض يمكن تطبيق حلول اضافية ترتكز على حث القطاع الموازي على المشاركة في المنظومة القانونية المنظمة بالحصول على معرف جبائي وباتيندا كتاجر قار أو متجول وايفاء المجموعة الوطنية حقها من الضريبة المستوجبة حتى تتعادل الفرص بين الجميع ويتم تقنين التجارة وحفظ حقوق المستهلك في حالة الضرر
وبخصوص الانتصاب الفوضوي في المدينة العتيقة أكد محدثنا أن الحل يكمن في تكثيف الرقابة من قبل أعوان التراتيب البلدية والشرطة البلدية وتوفير دوريات وفرق قارة في مداخل المدينة والتخلي عن التدخل المناسباتي الذي أثبت فشله