وفاة أحمد المستيري “رائد الديمقراطية التونسية”
توفي اليوم الأحد 23 ماي 2021، في تونس، المحامي ورجل السياسة البارز أحمد المستيري عن سنّ تناهز 96 عاما.
ونعى رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي الفقيد، مشيرًا في بيان، نشرته رئاسة الحكومة عبر صفحتها على “فيسبوك”، إلى أن الفقيد يعتبر أحد أبرز المناضلين الوطنيين في زمن الاستعمار، ومن بناة الدولة التونسية الحديثة بعد الاستقلال، حيث تقلّد عديد المناصب الوزارية، على غرار الدفاع والداخلية والعدل والمالية، وأسس بعد ذلك حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، فيما قد تم ترشيحه خلال الحوار الوطني سنة 2013 لترؤس الحكومة التونسية.
وأصدر البرلمان التونسي نعيا رسميا للمستيري، معتبرا أنه من أهم الشخصيات التي ساهمت في إرساء العمل السياسي وتأسيس الدولة الوطنية بعد الاستقلال.
من جانبها، قالت حركة النهضة التونسية، في بيان لها، إن المناضل أحمد المستيري هو أحد أبناء الحركة الوطنية التونسية ورموزها، ويُعد من أهم الشخصيات التي ساهمت في إرساء العمل السياسي والتي دافعت عن التعددية الحزبية والديمقراطية، وعملت على تأسيس الدولة الوطنية بعد الاستقلال.
واعتبر حزب قلب تونس أن “تونس فقدت واحدا من أكبر المناضلين في زمن الاستعمار، وأبرز بناة الدولة الحديثة (…)، وعرف بنضاله من أجل رفع راية الحريات والتعددية وحقوق الإنسان”، فيما اعتبر الحزب الجمهوري أن المستيري هو “المناضل ورجل الدولة وأحد رواد الديمقراطية في تونس”.
بدوره، قال الرئيس الأسبق منصف المرزوقي: “ترجّل اليوم أحد فرسان الديمقراطية في تونس (…) أحمد المستيري في ذمة الله والتاريخ. كل التعازي لأهله ولكل الديمقراطيين الذين واكبوا مسيرته النضالية على امتداد نصف قرن”.
وفي 1948، بدأ المسيري مزاولة المحاماة، وبعد عامين انضم للحزب الحر الدستوري، ثم التحق في 1952 بالديوان السياسي السري للحزب، خلال الاستعمار.
وبعد استقلال تونس، تولى المستيري وزارة العدل، ثم ممثل بلاده بمجلس الأمن الدولي، عام 1958، وبعدها وزيرا للمالية والتجارة في ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه.
كما شغل منصب سفير تونس لدى الاتحاد السوفيتي سابقا عام 1960، ولدى الجمهورية العربية المتحدة (اتحاد بين سوريا ومصر)، ولدى الجزائر عام 1962، وبعد 4 سنوات تولى وزارة الدفاع.
وبعد 9 أيام من تعيينه وزيرا الداخلية، قدم المستيري استقالته، في 21 يونيو/ حزيران 1971، لعدم وفاء الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة (1957-1987)بوعوده بشأن تحقيق انفتاح سياسي، إذ لم يكن يوجد أي حزب قانوني، سوى الاشتراكي الدستوري، حزب بورقيبة.
ورغم انتخابه في اللجنة المركزية للحزب، في أكتوبر/ تشرين الأول 1971، إلا أن بورقيبة طرد المستيري من الحزب في يناير/ كانون الثاني من العام نفسه، ومن البرلمان في يوليو/ تموز 1973.
وأساس المستيري حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، برفقة مصطفى بن جعفر (رئيس المجلس الوطني التأسيسي بين 2011 و2014)، والوزير الأسبق حمودة بن سلامة.
وبحسب شهادات، أبرزها للرئيس السابق، الباجي قايد السبسي (2014-2019)، تمّ تزوير انتخابات برلمانية، في أكتوبر / تشرين الأول 1981، وإعلان فوز الحزب الحاكم، بدلا عن حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، بقيادة المستيري.
وخلال ثمانينيات القرن العشرين، تعرض المستيري لمضايقات من النظام الحاكم، وتم سجنه وإخضاعه لإقامة جبرية، إثر مشاركته في أبريل/ نيسان 1986، في مظاهرة تندد باعتداء أمريكي على ليبيا.
وفي 1989، أجرى نظام الرئيس زين العابدين بن علي (1987-2011) انتخابات برلمانية شابها تزوير لصالح قوائم التجمع الدستوري الديمقراطي، حزب بن علي.
واندلعت خلافات داخل حركة الديمقراطيين الاشتراكيين حول تقييم هذه الانتخابات.
وحينها، قرر المستيري الانسحاب من الحياة السياسية، وبعدها سقط نظام بن علي، تحت وطأة احتجاجات شعبية، عام 2011.
وفي نهاية 2013، وإثر أزمة سياسية حادة، تمّ اقتراح اسم المستيري ليترأس حكومة تكنوقراط (غير حزبية) لإجراء انتخابات 2014، لكنه رفض واستمر معتكفا في منزله.