حسن العكروت في ذمة الله
فقدت الإذاعة التونسية والتلفزة التونسية الاثنين 7 فيفري 2022 واحدا من أبنائها البررة وهو الاستاذ حسن العكروت الذي وافاه الأجل المحتوم عن سن 89 سنة بدا الأستاذ حسن العكروت حياته المهنية بعد الاستقلال في الإذاعة الوطنية التونسية مديرا للبرمجة ، ونظرا لحذقه للغة الانقليزية أوفدته الدولة التونسية إلى جامعة » بوستن » بأمريكا لمزيد التكوين في كيفية إعداد البرمجة التلفزية وبعد عودته كلف بإدارة التلفزة التونسية التي انطلقت في البث في 31 ماي 1966 ، وبعد أن غادرها سنة 1971 سمي مديرا عاما لشركة « ساتباك » ثم رئيسا للجنة الثقافية الوطنية ، وهو من مؤسسي أيام قرطاج السينمائية وأدارها لثلاث دورات متتالية وحتى يتعرف عليه شباب اليوم ننشر في « بوابة الإذاعة التونسية » الحديث الذي كنت أجريته معه.
والأستاذ حسن العكروت أصيل جزيرة قرقنة من ولاية صفاقس ، ومولود سنة 1933 بمدينة سوسة التي نشأ ودرس فيها التعليم الابتدائي ، وبما أن والده علي العكروت كان مهندسا في الأشغال العمومية ، انتقل معه إلى تونس العاصمة حيث واصل دراسته الثانوية بمعهد » كارنو »و بعد أن تحصل على شهادة الباكالوريا ، التحق بالمدرسة الوطنية للعلوم الفلاحية ونظرا لظروفه العائلية المتردية وبما انه كان أكبر إخوته سنا انقطع عن التعليم العالي وهو في السنة الثانية من التعليم العالي واضطر للعمل لمساعدة والديه وقد تربى حسن العكروت » في بيت نقابي » فقد كان والده علي العكروت من مؤسسي الاتحاد العام التونسي للشغل وقد أقام ببيتهم بسوسة الزعيم فرحات حشاد ، الذي كان يعتبره بمثابة والده ، وقد أكد لي سي حسن انه مازال يتذكر إلى الآن الاجتماعات النقابية الصاخبة التي كانت تعقد في بيتهم في سوسة ، ولعل تلك الحقبة أثرت فيه ، مما جعله احد مؤسسي الاتحاد العام التونسي للطلبة ، مع منصور معلى وسالم بن حجل وحامد القروي ومحمد عبد السلام وذلك في سنة 1952.
هكذا كانت البداية…
وعندما جلست إليه حدثني عن سر دراسته للفلاحة ثم تحوله إلى العمل في الإذاعة التونسية فقال : الرغبة وقتئذ كانت من السلط السياسية وبرغبة من الزعيم الحبيب بورقيبة فقد كنت كاتب عام الاتحاد العام لطلبة تونس وتعرفت على الأستاذ البشير المهذبي (رحمه الله) الذي كان أول مدير للإذاعة بعد الاستقلال … عملت في البداية مديرا للبرمجة الإذاعية وقد كانت الإذاعة مسموعة جدا في تلك الفترة وقد انضمت إليها أسماء جديدة بعد المذيعة مليكة بن خامسة التي كانت أول مذيعة انتدبتها الإذاعة التونسية سنة 1947 ، ومن بين هذه الأسماء الشاعرة زبيدة بشير والمذيع عادل يوسف وغيرهم … ويذكر حسن العكروت أن الرئيس الحبيب بورقيبة كان متابعا دقيقا للإذاعة وخاصة للأخبار ، فقد كان في اتصال دائم برئيس التحرير الحبيب بولعراس وكان إما لإضافة خبر أو لتصحيح خطأ.
من شارع الحرية إلى جامعة بوستن…
وفي سنة 1957 أي سنة واحدة بعد الاستقلال بدا الرئيس الحبيب بورقيبة الذي كان يولي للإعلام أهمية كبيرة نظرا إلى دوره الهام في توعية المجتمع التونسي وتثقيفه ، وبعد تونسة الإذاعة نهائيا بدأ التفكير في تأسيس التلفزة التونسية ونظرا إلى إتقانه اللغة الانقليزية قررت الحكومة التونسية إيفاده للدراسة بجامعة » بوستن » بأمريكا في كيفية إعداد البرمجة التلفزية … ومن الطرائف انه عندما علم بذلك لم يخف خوفه عن توقف راتبه الشهري وكانت قيمته ( 50 دينار) يسلمها إلى والدته للإنفاق على الأسرة مثلما أسلفنا الذكر، فطمأنه المديرالسيد البشير المهذبي بان الأمر سيبقى على حاله بما انه سيوفد في مهمة وطنية كما أرسله إلى التارزي عبد الرحمان الباسطي فخاط له ثلاث بدلات وتكفلت الإذاعة بدفع ثمنها…