الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري تعقد ندوة صحفية لعرض أهم نتائج التقرير النهائي المتعلق برصد التغطية الإعلامية لحملة الاستفتاء حول مشروع الدستور الجديد
بادرت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري خلال ندوة صحفية عقدتها أمس بتقديم أهم نتائج التقرير النهائي المتعلق برصد التغطية الإعلامية لحملة الاستفتاء حول مشروع الدستور الجديد على القنوات السمعية البصرية التي امتدت من 3 الى 23 جويلية 2022، بالإضافة إلى نتائج رصد صفحاتها على شبكات التواصل الاجتماعي. كما تم عرض الخروقات المسجلة خلال فترتي حملة الاستفتاء والصمت وقد تضمن الرصد تغطية 19 وسيلة إعلامية موزعة بين وسائل إعلام بصرية عمومية وخاصة حيث تمت ملاحظة حصول الإخلال على مستوى المؤسسات العمومية التي أعطت حيزًا أكبر للأصوات المساندة مقابل وسائل الإعلام الخاصة في حين تم صفة إجمالية احترام مبدأ التوازن في تغطية هذه الحملة من طرف وسائل الإعلام إذ تم تسجيل 50.6 بالمائة من الحيز الزمني للأصوات الرافضة للدستور و 49.4 للأصوات المساندة له.
كما شملت عملية الرصد 1290 ساعة، منها 180ساعة لمعرفة توزيع تعددية المواقف بين الرافض والمؤيد لمشروع الدستور، في حين أن 49 بالمائة من الحيز الزمني تم تخصيصه من قبل وسائل الإعلام للأطراف غير المصرحة لدى هيئة الانتخابات، و28 بالمائة للأطراف المصرحة، بينما حازت الأطراف الممثلة للسلطة التنفيذية (رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية) على 23 بالمائة.
وبالنسبة للمصرحين بالمشاركة، تم تسجيل 70 بالمائة من المداخلات للأحزاب السياسية و20 بالمائة للجمعيات المدنية و10بالمائة للأشخاص الطبيعيين في حين توزعت المشاركة لدى السلطة التنفيذية ب69 بالمائة لممثلي رئاسة الحكومة (وزراء) و31 بالمائة لرئاسة الجمهورية.
الإذاعات العمومية تخصص 53 بالمائة للمساندين وهو ما يمثل خللا في مستوى التغطية:
ومن جهته فقد صرح نجيل هاني، مسؤول وحدة الرصد بالهيئة، بأن التلفزة الوطنية خصصت 63 بالمائة من تغطيتها للأصوات الداعمة لمشروع الدستور الجديد، وخصصت الإذاعات العمومية 53 بالمائة للمساندين وهو ما يمثل خللا في مستوى التغطية، مضيفا أن أكثر المواضيع التي تمت مناقشتها خلال الحملة الانتخابية كانت تتمحور حول نسخة المشروع الجديد والوظيفة التنفيذية لرئاسة الجمهورية ومسألة الحقوق والحريات داخل الدستور الجديد، كما أشار إلى أنّ حضور المرأة خلال حملة الاستفتاء كان ضعيفا بشكل واضح فلم يتجاوز حضور المرأة (سواء الرافضات او المساندات) 6.6 بالمائة في القنوات التلفزية…
عملية الرصد لم تكتف فقط بوسائل الاعلام التقليدية وإنما شملت وسائل التأثير الاجتماعي:
هذا وقد أشار رئيس الهيئة النوري اللجمي في مفتتح الندوة الصحفية إلى صعوبة عملية رصد التغطية الإعلامية نظرًا لكون عملية الاحتساب شملت الرافضين والمساندين لمشروع الدستور الجديد ، موضحا بأن القرار المشترك بين هيئة الاتصال والهيئة العليا المستقلة للانتخابات القاضي بمشاركة كل الحساسيات سواء منها المسجل في سجل الحملة او لا، ساعد على الوصول الى احصائيات كمية ونوعية بخصوص مدى مهنية وحرفية كل مؤسسة كما بين بأن عملية الرصد لم تكتف فقط بوسائل الاعلام التقليدية وإنما شملت وسائل التأثير الاجتماعي ، موضحا بأنّ أغلبية التلفزات الخاصة خيرت عدم الانخراط في الحملة الانتخابية بخصوص الاستفتاء وبقيت محصورة في كل من القناة الوطنية وقناة حنبعل وقناة الإنسان.
متابعة باستمرار الخروقات المسجلة في مجال المضامين وفق مرحلتين:
فإن الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري تابعت باستمرار الخروقات المسجلة في مجال المضامين وفق مرحلتين وهما فترة الحملة ما بين 03 و 23 جويلية 2022 ثم فترة الصمت الانتخابي وهي تخص (يومي 24 و25 جويلية) يعني قبل يوم الاقتراع ب24 ساعة الى حين غلق آخر مكتب اقتراع. حيث تم رصد الخروقات الخاصة بالمضامين باعتماد مبدئين أساسيين: مدى الالتزام بمبدأ الاستقلالية والموضوعية والنزاهة في تغطية حملة الاستفتاء (الفصل 28من القرار المشترك) كذلك مدى احترام قواعد المهنة الصحفية وأخلاقياتها وضمان حرية التعبير للجميع مع التصدي لخطاب الكراهية بكل أشكاله (الفصل 7 من القرار المشترك).
خروقات جسيمة جلها ناتجة عن تعثرات وصعوبات في تطبيق بنود القرار المشترك بين هيئة الانتخابات والهايكا والذي صدر متأخرا :
وقد تمت ملاحظة تحسنا ملموسا خلال الفترة الموالية للأسبوع الأول من الحملة التي سجلت خلاله عديد التجاوزات منها خروقات جسيمة كانت جلها ناتجة عن تعثرات وصعوبات في تطبيق بنود القرار المشترك بين هيئة الانتخابات والهايكا والذي صدر متأخرا.
ومن بين الخروقات المسجلة كمثال بالنسبة للقناة التلفزية الخاصة “حنبعل”: تمت معاينة تسجيل مخالفة جسيمة ضمن برنامج “يحدث في تونس” ليوم 13 جويلية الماضي عبر تعمّد ضيف الحصة الأمين العام لحزب التيار الشعبي استعمال عبارات فيها تخوين وإقصاء ضد بعض النخب التونسية ونعتهم بالنخبة الفرونكوصهيونية مع تقديم أسماء شخصيات معروفة وتم مباشرة توجيه إعلام القناة بمخالفة، ودعوة ممثلها القانوني للاستماع، وقرر مجلس الهيئة بإلزام القناة ببث اعتذار في بداية الحلقة الموالية لبرنامج “يحدث في تونس” وفي شريط الأخبار أسفل الشاشة وفيما يلي نصه: “تعتذر قناة حنبعل من مشاهديها ومن الأستاذة بشرى بالحاج حميدة، الأستاذة سلوى الحمروني والأستاذ سليم اللغماني عن الخرق المرتكب في برنامج “يحدث في تونس”… على اعتبار ما ورد على لسان ضيف البرنامج من عبارات تخوين وإقصاء.. هذا الى جانب عدم إعادة بث المقطع موضوع القرار وسحبه من الموقع الالكتروني الرسمي للقناة ومن جميع صفحات التواصل الاجتماعي التابعة للقناة..
ضمان احترام أخلاقيات المهنة الصحفية فيما يتعلق بأداء الصحفيين المعلّقين عدم توظيف آرائهم:
ومن بين الخروقات المسجلة كذلك بإذاعة “شمس أف أم”، ضمن برنامج “ستوديو شمس” (يوم 18 جويلية 2022)، عدم التزام المعلّق القارّ بالحياد والموضوعية من خلال مهاجمته لحزب سياسي دعا إلى مقاطعة الاستفتاء دون تدخل مقدمة البرنامج للتعديل.. لذلك تم توجيه تنبيه إلى الإذاعة من أجل عدم الالتزام بواجب حياد المعلقين القارين وهو ما يعتبر مخالفة لمقتضيات الفصل 28 من القرار المشترك المشار والذي ينص على أن وسائل الإعلام: “تلتزم بضمان احترام أخلاقيات المهنة الصحفية فيما يتعلق بأداء الصحفيين المعلّقين عدم توظيف آرائهم…”.
وبالنسبة للإذاعة الجمعياتية “مندرة أف أم” فقد تم تخصيص حلقتي يومي 18 و20 جويلية من البرنامج الترفيهي “اللمّة وناسها” للتطرق لمواضيع تهم حملة الاستفتاء واستضافة فاعلين سياسيين للتعبير عن مواقفهم المساندة أوالمعارضة لمشروع الدستور المعروض على الاستفتاء وذلك في مخالفة للفصل 04 من القرار المشترك الذي ينص على أن وسائل الإعلام: “تلتزم بعدم دمج فقرات ترفيهية ضمن البرامج والمجلات الإخبارية الخاصة لحملة الاستفتاء”.
كما ينص الفصل 23 على أن وسائل الإعلام: ” تلتزم بعدم دعوة الأطراف المعارضة أو الموافقة على نص مشروع الدستور في البرامج غير المخصصة لحملة الاستفتاء”،لذلك فقد قامت الهيئة بتوجيه لفت نظر للقناة الإذاعية الى المخالفات المسجلة ودعوتها إلى الالتزام بالفصل بين البرامج المخصصة لحملة الاستفتاء وبقية برامج الإذاعة.
خرق الصمت الانتخابي من خلال الدعاية للاستفتاء:
وخلال فترة الصمت الانتخابي وهي تخص (يومي 24 و25 جويلية) يعني قبل يوم الاقتراع ب24 ساعة الى حين غلق آخر مكتب اقتراع..تم تسجيل خرق الصمت الانتخابي ضمن البرنامج الخاص بالتغطية الاستثنائية “استفتاء 25 جويلية، الشعب يختار” في بث مشترك بين القناتين العموميتين “الوطنية الأولى والوطنية الثانية” من خلال بث تصريح مباشر لرئيس الجمهورية عند قيامه بالاقتراع، دام أكثر من خمسة عشر دقيقة وتطرق للخيارات الواردة في مشروع الدستور مع تثمينها وإبراز أهميتها،وهي مخالفة واضحة للفصل 69 من القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 والمتعلق بالانتخابات والاستفتاء والذي ينص على أنه:” تحجّر جميع أشكال الدعاية خلال فترة الصمت الانتخابي”، – تسليط خطية مالية قدرها 20 ألف دينار
كما سجلت إذاعة الديوان اف ام خرق الصمت الانتخابي من خلال الدعاية للاستفتاء ب”نعم” يوم 24 جويلية 2022 ، من خلال نشر خبر أسفل شاشة البث المباشر للبرنامج الصباحي 1.2.3 Soleil ” (استفتاء 25 جويلية.. سامية السلطاني تدعو إلى التصويت ب”نعم”) وتم تسليط خطية مالية قدرها 03 آلاف دينار في شخص الممثل القانوني للإذاعة..وفي هذا الصدد من االضروري الإشارة إنه الى جانب خرق الصمت الانتخابي المسجل في البرنامج فهو في ذات الوقت مخالفة لعدم التزام المعلقة بالموضوعية والحياد المنصوص عليهما في القرار المشترك..”تلتزم بضمان احترام أخلاقيات المهنة الصحفية فيما يتعلق بأداء الصحفيين والمعلّقين وعدم توظيف آرائهم للدعاية المباشرة أو غير المباشرة للمواقف الداعمة أو المعارضة لمشروع الدستور المعروض على الاستفتاء”
توجيه عدد من التجاوزات المسجلة على أنظار هيئة الانتخابات للنظر في ما يدخل حيز اختصاصها:
ومن خلال إذاعة أوكسيجين أف أم فقد تمت ملاحظة عدم الالتزام بالصمت الانتخابي في حصتي يومي 24 و25 لبرنامج Oxymatin ومن بين المقاطع التي سجلت خروقات خلال فترة الصمت الانتخابي:في حديث مقدمة البرنامج عن دستور 2014 تقول:”تسبب الدستور هذايا في العديد من المشاكل كانت عوامل أساسية في عدم تحقيق أهداف الثورة في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية على هذاكا اليوم نستدعاو التوانسة الكل برّاو بالطبيعة صوتوا والرخ لا..” ؛ “اليوم الاثنين 25 جويلية موعد الاستفتاء عن الدستور الجديد أو دستور قيس سعيد كما يسميه خصومه.. خصومه يقولو عليه دستور قيس سعيد وهو دستور التوانسة..”. “بث مقطع من تصريح رئيس الجمهورية اثر إدلائه بصوته في احد مراكز الاقتراع…”وهو في حدّ ذاته، كما أوضحت، خرق قامت به مؤسسة التلفزة التونسية..وتم تسليط خطية مالية قدرها 3 آلاف دينار على هذه القناة الإذاعية..
الى جانب التراتيب التعديلية والإجراءات العقابية التي اتخذتها الهيئة وفق صلاحياتها فقد قامت بتوجيه عدد من التجاوزات المسجلة على أنظار هيئة الانتخابات للنظر في ما يدخل حيز اختصاصها..
موقف الهيئة من بث حصص التعبير المباشر:
ومن جانبها أوضحت عضو الهيئة سكينة عبد الصمد، في عرضها خلال الندوة الصحفية، بأنه الى جانب التراتيب التعديلية والإجراءات التي اتخذتها الهيئة وفق صلاحياتها فقد قامت بتوجيه عدد من المخالفات المسجلة على أنظار هيئة الانتخابات للنظر واتخاذ الإجراءات في ما يدخل حيز اختصاصها.. وأضافت أن الهايكا كانت راسلت هيئة الانتخابات وأعلمت المكلفة بتسيير مؤسسة التلفزة التونسية بعدم الجدوى من نقل حصص التعبير الحرّ.. ونظرا لما تم رصده من تجاوزات خلال بث هذه الحصص، وجّهت الهيئة مراسلة لهيئة الانتخابات ضمنتها التجاوزات المسجلة لاتخاذ الإجراءات اللازمة وفق اختصاصها وتنبيهها لأن هذا يشكل سابقة في علاقة بالتطبيع مع خطابات كراهية إضافة الى التذكير بموقف الهيئة من بث حصص التعبير المباشر.
ومن المنتظر أن تقدم الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري تقريرها النهائي في خلال الأيام المقبلة، الذي سيتضمن تفصيلًا كميا و كيفيا لتغطية كل مؤسسة إعلامية شاركت في الحملة الانتخابية للاستفتاء على الدستور الجديد.
موقع لحظة بلحظة/ محمد رضا البقلوطي